big-img-news
بواسطة Mada Admin | 4 نوفمبر 2014

ندوة احتفاليّة لمناسبة إصداره كتاب "الأقليّة الفلسطينيّة في إسرائيل في ظلّ الحكم العسكريّ وإرثه"

نظّم "مدى الكرمل – المركز العربي للدّراسات الاجتماعية التّطبيقيّة"، يوم الخميس ، 16 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2014، ندوة احتفاليّة لمناسبة إصداره كتاب "الأقليّة الفلسطينيّة في إسرائيل في ظلّ الحكم العسكريّ وإرثه"، عقدت في مبنى مدرسة "النّهضة" بكفر قرع.

وقد حضر النّدوة جمهور واسع من أهالي كفر قرع والمنطقة، تنوّع ما بين باحثين وأكاديميّين، ومعلّمين، وناشطين، وطلّاب وذويهم، ومهتمّين، جاؤوا ليستمعوا إلى مداخلتين قدّمهما كلّ من بروفسور مصطفى كبها، رئيس قسم التّاريخ والفلسفة بالجامعة المفتوحة، وهو محرّر الكتاب؛ وبروفسور محمود غنايم، رئيس مجمع اللّغة العربيّة في النّاصرة والمحاضر في قسم الدّراسات العربيّة والإسلاميّة بجامعة تل أبيب، وهو كاتب أحد فصول الكتاب.

IMG_0968

امطانس شحادة: مجتمعنا الفلسطينيّ صلب اهتمامات "مدى الكرمل"

افتتحت النّدوة بكلمة للباحث في مركز "مدى الكرمل" امطانس شحادة، رحّب خلالها بالجمهور وأثنى على إقبالهم الكبير على أمسية علميّة، تتناول أبحاثًا ودراسات حول حقبة هامّة من تاريخ الشّعب الفلسطينيّ، وخصوصًا من تبقّى منهم داخل الخطّ الأخضر.

وقدّم شحادة صورة عامّة عن "مدى الكرمل" ومشاريعه وأنشطته وإصداراته، من كتب ومجلّات وأبحاث، موضحًا أنّ المركز يهتمّ بالدّرجة الأولى بالمجتمع الفلسطينيّ داخل الخطّ الأخضر، والقضيّة الفلسطينيّة، والشّؤون الإسرائيليّة، والدّراسات النّسويّة، وغير ذلك؛ مشيرًا إلى أنّ الكتاب الّذي يُحتفى بصدوره في هذه النّدوة يعبّر عن اهتمام المركز بالتّاريخ الفلسطينيّ، وخصوصًا ما يتعلّق بفلسطينيّي الدّاخل.

IMG_1021

محمود غنايم: القصّة لم تنجح في التّأثير أيديولوجيًّا والتّغيير

المداخلة الأولى قدّمها بروفسور محمود غنايم حول بحثه المنشور في الكتاب، وعنوانه "بين الشّهادة التّاريخيّة وأسطرة الواقع – القصّة القصيرة الفلسطينيّة في ظلّ الحكم العسكريّ في إسرائيل"، مبيّنًا أنّه اختار القصّة القصيرة حقلًا للدّراسة لأنّها أسرع إلى الاستجابة للتّغيّرات الاجتماعيّة والسّياسيّة من الرّواية، أمّا الشّعر فالتّعامل معه يحتاج إلى أدوات نقديّة مختلفة لمعالجة هذا الموضوع.

وأشار غنايم إلى أنّ المجموعات القصصيّة الصّادرة خلال فترة الحكم العسكريّ قليلة جدًّا، وهي سبع مجموعات لكلّ من سليم خوري (الوداع الأخير وقصص أخرى - 1961)؛ وفرج نور سلمان (أبرياء وجلّادون - 1960)، ومحمّد علي طه (لكي تشرق الشّمس – 1964)؛ ويحيى فاهوم (الفلّاحون في الأرض وقصص أخرى – 1957)؛ ونجوى قعوار فرح، ولها (دروب ومصابيح – 1956) و(عابرو سبيل – 1956) و(لمن الرّبيع – 1963)؛ وأخيرًا توفيق معمّر (المتسلّل وقصص أخرى – 1957).

IMG_1033

وبيّن غنايم أنّ دراسته حاولت الإجابة على ثلاثة أسئلة: السّؤال الأوّل يتعلّق بمهمّة هذا الأدب ووظيفته، ففي المفهوم الماركسيّ – الدّيالكتيكيّ، وهو التّيّار الرّئيسيّ الّذي تعرّض لموضوع الحكم العسكريّ، بطريقةٍ أو بأخرى، في هذه الفترة، ووجّه الكتّاب الّذين تناولوا قضايا سياسيّة؛ وهذا الأدب يحمل رسالة التّغيير ويشكّل محفّزًا لإحداث ثورة تقدّميّة في المجتمع.

أمّا السّؤال الثّاني فيتمحور حول طموح هذا الأدب أو قدرته لأن يشكّل شهادة تاريخيّة لفترة الحكم العسكريّ، أو محاولته أن يكون كذلك.

والسّؤال الثّالث، وهو سؤال أدبيّ بحت، فيُعنى بهويّة المدرسة أو المدارس الّتي انتمى إليها هذا الأدب.

ثلاثة تيّارات

وقد جعل غنايم الأدب في الدّاخل الفلسطينيّ الّذي كُتِبَ في تلك الفترة أو بعدها، وتناول الحكم العسكريّ، في ثلاثة تيّارات أو مدارس رئيسيّة، هي: التّيّار الأوّل هو أدب الواقعيّة الاشتراكيّة المنبثق من الماركسيّة، وقد مثّل له بالقاصّين حنّا إبراهيم  وإميل حبيبي (1921 – 1996)؛ والثّاني التّيّار الماركسيّ ذو الحسّ الثّوريّ، وكتّابه من مواليد الأربعينات، وقد نشروا أعمالهم بعد الحكم العسكريّ إذ كانوا أصغر سنّا من التّيّار الأوّل، وقد مثّل له غنايم بمحمّد علي طه ، وزكي درويش، وتوفيق فيّاض، ومحمّد نفّاع؛ أمّا التّيّار الثّالث فهو التّيّار الّذي عاصر الحكم العسكريّ دون أن يكتب عنه إلا متأخّرًا جدًّا، في الثّمانينات والتّسعينات، وكان نتاجهم الأدبيّ يعالج قضايا اجتماعيّة وإنسانيّة وتربويّة لا سياسيّة في ظلّه، ويمثّل هذا التّيّار القاصّ مصطفى مرار.

ويستنتج غنايم على ضوء دراسته لإنتاج هؤلاء الكتّاب المنتمين للتّيّارات الثّلاثة المختلفة، أنّ تأثير قصص التّيّار الماركسيّ لم يكن كبيرًا على الجمهور، وذلك لأنّ المنابر الّتي كانت تنشرها، وهي صحيفة "الاتّحاد" ومجلّة "الجديد" تحديدًا، اعتبرتا تحريضيّتين في نظر المؤسّسة الإسرائيليّة، وبالتّالي فتداولهما لم يكن كبيرًا والمجاهرة بقراءتهما كانت تُخشى. وعليه، فإنّ هذه القصص لم تتمكّن من تحقيق التّحوّلات الاجتماعيّة والسّياسيّة الّتي كانت تنادي بها الماركسيّة.

IMG_1020

صياغة الذّاكرة والوعي الجماعيّين

ورغم ذلك، أكّد غنايم أنّ الفنّ القصصيّ أدّى دورًا هامًّا في صياغة الذّاكرة والوعي الجماعيّين للأجيال الشّابّة في السّتّينات والسّبعينات، وفضح ما اقترفه الحكم العسكريّ بحقّ الجماهير العربيّة في إسرائيل، وخصوصًا بعد الحرب عام 1967 وانتهاء الحكم العسكريّ، إذ اتّسعت مساحة الحرّيّة نسبيًّا لتناول القضايا السّياسيّة والتّعبير عنها بحرّيّة أكبر.

وذهب غنايم في مداخلته إلى أنّ القصّة العربيّة المنتمية للتّيّارين الأوّل والثّاني، بنت عالمًا أدبيًّا أسطوريًّا للأجيال الشّابّة حول فترة الحكم العسكريّ وغيرها، ليس بالضّرورة أن يكون عالمًا حقيقيًّا؛ أدب فيه موقف سياسيّ ويتضمّن رسالة أيديولوجيّة واضحة، فقدّمت صورة أحاديّة عن مجتمع فلسطينيّ صامد ومقاوم خلال تلك الفترة، وأبرز مقاومة الجيل الشّابّ للمؤسّسة الإسرائيليّة ورموزها ووكلائها، وهذه صورة نموذجيّة تقدّم شهادةً تاريخيّة مؤسطرة.

أمّا التّيّار الثّالث الّذي صمت لعقود طويلة ثمّ تناول الحكم العسكريّ في الثّمانينات والتّسعينات، ويمثّله مصطفى مرار، فقد افتقدت قصصه وفق غنايم لحرارة الصّدق وحيويّة التّجربة، ومردّ ذلك البعد الزّمنيّ بين وقوع الأحداث وبين قصّها، وهدفها بالأساس التّفريغ والتّعبير عن المشاعر، لا التّحريض كما هو الحال في التّيّار الثّاني الثّوريّ.

IMG_0991

مصطفى كبها: أوّل كتاب علميّ بالعربيّة حول الحكم العسكريّ

تحدّث بروفسور مصطفى كبها حول الكتاب بشكل عامّ، مشيرًا إلى أنّه أوّل كتاب علميَ يصدر بالعربيّة حول الحكم العسكريّ في الأراضي المحتلّة عام 1948، والّذي امتدّ منذ قيام دولة إسرائيل وحتّى إلغائه أو سقوطه عام 1966.

وأوضح كبها إلى أنّ سياسة مؤسّسات دولة إسرائيل المتشدّدة مع مواطنيها العرب في ظلّ الحكم العسكريّ، تعبّر عنها أفضل تعبير مقولة لدافيد بن غوريون، رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق والمؤسّس، مفادها أنّه "يجب الحكم على العرب ليس من منطلق ما يفعلون، ولكن يجب التّعامل مع ما يفكرون بفعله."

وبيّن كبها أنّ بن غوريون كان يسعى إلى تغيير المعادلة النّاتجة عن النّكبة وإقامة دولة إسرائيل، وهي معادلة الدّولة اليهوديّة مع أقليّة عربيّة، إلى معادلة تمكّن الدّولة اليهوديّة من التّخلّص ممّن تبقّوا من عرب أصلانيّين في وطنهم؛ وقد اشترك مع بن غوريون في ذلك أصحاب المناصب العليا في سلطة الحكم العسكريّ، إذ يظهر من أدبيّاتهم ووثائقهم أنّهم اعتبروا وجود الأقليّة العربيّة في الدّولة اليهوديّة وجودًا مؤقّتًا، وقد فرضوا الحكم العسكريّ على العرب لإدارة هذا الوجود المؤقّت طالما أنّ التّرحيل بالقوّة لم يكن ممكنًا في حينه كما حصل خلال نكبة عام 1948.

IMG_1000

دفع الأقليّة العربيّة إلى الهجرة الإراديّة

وأشار كبها إلى أنّ الهدف من فرض نظام حكم عسكريّ كان لتنغيص عيش الأقليّة العربيّة، ودفعها إلى الهجرة بشكلٍ إراديّ بعد اقتناعها أنّ المساواة الكاملة والشّراكة الحقيقيّة أمران يستحيل تحقيقهما، وذلك في مواجهة أصوات يهوديّة كانت تنادي بهما، وتدعو إلى دمج العرب في المؤسّسات والحياة العامّة الإسرائيليّة، وهو ما كانت ترفضه قيادات الحكم العسكريّ.

واعتبر كبها أنّ هذا الكتاب، والّذي يضمّ ستّة مقالات تعالج موضوعات مختلفة، يأتي ليسدّ نقصًا بارزًا في الدّراسات حول الحكم العسكريّ، وخصوصًا الأبعاد غير السّياسيّة، ومنها علاقات دولة إسرائيل مع مواطنيها العرب، داعيًا الباحثين إلى مواصلة الطّريق بحثًا وإنتاجًا.

وعرض كبها خلال مداخلته مواد تسجيليّة حول الحكم العسكريّ، تتضمّن شهادات شفويّة لفلسطينيّين عايشوا الحكم العسكريّ وظروفه، وأخرى لحفل عرس لشخص يُدعى أبو رشدي من أمّ الفحم، يُظهر وفدًا من ضبّاط وموظّفي الحكم العسكريّ يشاركون في الاحتفالات، بحضور عدد من المخاتير والمشايخ والشّخصيّات الّتي كانت تعتبر اعتباريّةً في حينه، وهو مشهد يعكس كيفيّة حضور الحكم العسكريّ بقوّة في تفاصيل النّاس بسبب الخوف من مصير مشابه لما حصل لشعبهم عام 1948، وكيف أنّ القيادات العربيّة التّقليديّة تعاملت مع ضبّاط وموظّفي الحكم العسكريّ بعقليّة ونفسيّة المهزوم المقموع العاجز.

حول الكتاب

يقع كتاب "الأقليّة الفلسطينيّة في إسرائيل في ظلّ الحكم العسكريّ وإرثه" في 216 صفحة، تتوزّع على مقدّمة وستّة مقالات. تعالج مقالات الكتاب موضوعات مختلفة، وترسم، مجتمعةً، صورة لحياة الأقليّة العربيّة الفلسطينيّة في إسرائيل تحت نظام الحكم العسكريّ.

المقال الأوّل عنوانه "وظيفة نظام الحكم العسكريّ: الظّاهرة والخلفيّة والنّقاش حول إلغائه"، وهو للدّكتور يئير بويمل، المحاضر في جامعة حيفا والكلّيّة الأكاديميّة للتّربية "أورانيم". أمّا المقال الثّاني فيتناول "التّنظيم السّياسيّ للفلسطينيّين في إسرائيل فترة الحكم العسكريّ"، وقد كتبه كلّ من بروفيسور أسعد غانم ودكتور مهنّد مصطفى، وكلاهما محاضر في جامعة حيفا.

المقال الثّالث كتبه بروفيسور راسم خمايسي، المحاضر في جامعة حيفا، ويعالج فيه "دور الحكم العسكريّ في تخطيط الحيّز وتقييد عمليّة التّمدين لدى العرب الفلسطينيّين في إسرائيل". أمّا المقال الرّابع فهو لبروفيسور محمود غنايم، المحاضر في جامعة تل أبيب ورئيس مجمع اللّغة العربيّة بالنّاصرة، وجاء بعنوان "بين الشّهادة التّاريخيّة وأسطرة الواقع: القصّة القصيرة الفلسطينيّة في ظلّ الحكم العسكريّ في إسرائيل."

المقال الخامس كتبه بروفيسور مصطفى كبها، محرّر الكتاب ورئيس قسم التّاريخ والفلسفة في الجامعة المفتوحة، وعمل في مدى الكرمل مديرا لبرنامج التاريخ حتى 2012، وقد عالج فيه موضوعة "الصّحافة العربيّة في ظلّ الحكم العسكريّ (1948 – 1966). وعالج بروفيسور إسماعيل أبو سعد، المحاضر في جامعة بن غوريون ببئر السّبع، في المقال السّادس، موضوعة "السياسة التعليمية والمنهاج الدراسي في إسرائيل."

kabha_cover (2)IMG_0963 IMG_0974 IMG_1039IMG_0969 IMG_1023 IMG_0985 IMG_1010

الاكثر قراءة