برنامج الدراسات النسوية/

أحداث / ورشة: الإبادة... مقاربة نسويّة فلسطينيّة
big-img-news
بواسطةMada Admin | 19 يوليو 2024

ورشة: الإبادة... مقاربة نسويّة فلسطينيّة

نُظِّمت هذه الورشة في ظلّ إمعان إسرائيل في حربها الإباديّة على الشعب الفلسطينيّ في قِطاع غزّة منذ السابع من تشرين الأوّل المنصرم (2023)، وفي ظلّ تصاعد آثار الحرب المدمِّرة على الفلسطينيّات/ين في مختلف أماكن وجودهم، وخُصِّصت لتقديم قراءات نسويّة مناهِضة للاستعمار حول واقع النساء الفلسطينيّات ومقاومتهنّ. قاربت الورشة انتهاك الأجساد الفلسطينيّة، ومعاناة الأسيرات والأسرى في سجون الاحتلال، وكذلك تناولت الأصواتَ النسويّة العالميّة المتضامنة مع فلسطين والمناهِضة للاستعمار، وفي المقابل تناولت الأصواتَ ’النسويّة‘ المتواطئة مع الصهيونيّة ومشروع الإبادة. تضمّنت الورشة افتتاحيّة وثلاث جلسات.

افتتحَت الورشةَ وأدارت الجلسةَ الأولى فيها المربّيةُ أفنان إغباريّة، الناشطةُ السياسيّة وعضوة إدارة مدى الكرمل، حيث رحبّت بالمشارِكات باسْم إدارة وطاقم مدى الكرمل. وجاء في كلمتها أنّ "النكبة المستمرّة هي انعكاس لأهداف الصهيونيّة المتمثّلة في التهجير والاستيلاء على الأرض التي نراها في حرب الإبادة في غزّة، وكذلك في القتل والتهجير في الضفّة الغربيّة والقدس، وفي السياسة الممنهَجة لإبادة القدرة الفلسطينيّة على الحفاظ على مجتمع سياسيّ منظَّم وفي منع وجود هيئة سياسيّة تمثيليّة تمثّل الفلسطينيّين في أماكن وجودهم كافّة". كذلك تطرّقت إلى الأهداف الصهيونيّة وإلى انعكاس سياساتها تجاه فلسطينيّي 48، مشدِّدة على الدور السياسيّ الهامّ لإنتاج المعرفة، وخاصّة إنتاج المعرفة النسويّة المناضلة ضدّ الظلم والتي تسهم في بناء مجتمعٍ قِيَمُهُ الحرّيّةُ والعدل والمساواة، مؤكِّدة أنّ نسويّة لا تناضل ضدّ الاستعمار لا يعوَّل عليها.

تحدّثت بعدها الـﭘـروفيسورة نادرة شلهوب-كيـﭬـوركيان، عضوة الهيئة الإداريّة في "مدى الكرمل" والناشطة والمحاضِرة والباحثة النسويّة النقديّة. طرحت شلهوب-كيـﭬـوركيان في مداخلتها التساؤل التالي: "لماذا لا نقرع باب الخزّان بصورة أكبر، وكيف لنا أن نتنفّس عندما نعيش بشاعة الإبادة"؟ وأشارت إلى أهمّيّة السؤال بشأن كيفيّة صياغة حراك فكريّ ومقاربة نسويّة فلسطينيّة موطّنة في ظلّ الإبادة التي تستخدم الأشلاء من أجل حَيْوَنة الفلسطينيّ، ومقابل الغزّيّين والغزّيّات اللواتي يدافعن عن الحقّ في الكرامة في الموت، مؤكِّدة أنّ المقارَبة النسويّة الجذريّة تتطلّب التعامل مع التحدّيات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، وعليها أن تضع واقع الإبادة ومقاوَمتها في المركز.

 وفي الجلسة الأولى، التي جاءت تحت عنوان "الأصوات النسويّة والحرب على قِطاع غزّة"، قدّمت المداخَلةَ الأولى كلٌّ من الباحثة والناشطة السياسيّة د. ياسمين ضاهر (الدكتورة في الفلسفة)، وَد. همّت زعبي (عالمة الاجتماع الحضريّ ومديرة المشاريع البحثيّة في مدى الكرمل)، فجاءت مقاربةً نسويّةً بشـأن "التضامن العالميّ مع فلسطين -برلين كمثال". تناولت الدكتورتان في المداخلة، المستنِدة إلى تجاربهما ومشاهداتهما لِحراكات سياسيّة مختلفة في برلين، تاريخَ وخصوصيّة السياق الألمانيّ والسياسات والممارسات الألمانيّة في التضامن مع فلسطين وتأثيرها على فهمنا للحراك الداعم لفلسطين اليوم. في مداخلتهما، تناولتا الحراكاتِ السياسيّةَ المختلفة، وتأثُّرَ هذه الحراكات الواضحَ، ولا سيّما تلك العابرة للقوميّات، ومن منظور الفكر النسويّ التقاطعيّ الذي برز على نحوٍ خاصّ في الحراك الطلّابيّ لفلسطين. كذلك تناولتا نقاط التقاطع والتوتُّر بين حراكِ الجالية الفلسطينيّة في برلين، والحراكِ العالميّ من أجل فلسطين في ما يتعلّق بالفكر النسويّ التقاطعيّ. وفي ختام مداخلتهما، طرحتا بعض التحدّيات التي تواجه هذا الفعل السياسيّ، ومن ضمنها أسئلة بخصوص استدامته بعد الإبادة، وتكامليّة النضال بين المجموعات الفاعلة المختلفة، مقابل التنافسيّة، وكذلك التحدّيات والمعيقات في طرق وسُبُل التشبيك بين النسويّات/ين في العالم مع الفلسطينيّات/ين في فلسطين، على الصعيدَيْن الفكريّ والعمليّ.

وبعنوان "التواطؤ النسويّ" تحدثت كلّ من ريموندا منصور، الناشطة النسويّة والحاصلة على الماجستير في علم الجريمة، وَد. عرين هوّاري الباحثة في الدراسات النسويّة ومديرة مدى الكرمل. جاء في مداخلة منصور أنّه إذا تحدّثنا عن منظور نسويّ مناهض للظلم والقهر ومن أجل المساواة والحرّيّة والعدالة الاجتماعيّة ومناصرة المرأة في نضالها من أجل حياة إنسانيّة خالية من القهر والقمع ومتحرّرة في حيّزها الخاصّ والعامّ، عندذاك يمكن القول إنّ المنظور النسويّ في تحليله وسلوكه مناهِض للاستعمار. في حالة النسويّة الإسرائيليّة /الصهيونيّة، المنظور واحد ومتجانس ويتطابق قولًا وفعلًا مع السياق الاستعماريّ. هي أكثر من متواطئة. هي في صيرورة مُحْكَمة مع الاحتلال والقمع والإقصاء، وفي تجانس عضويّ مع كُنْه الصهيونيّة المروِّجة للمقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"؛ إذ إنّ النسويّة في هذا السياق تعمل وكيلًا للمشروع الصهيونيّ وتتواطأ مع إنتاجاته. وأضافت أنّ هذه الوكالة النسائيّة /النسويّة وقفت بعد السابع من أكتوبر منحازة للسلاح والعَسْكَرَة، متنكّرة للمفاهيم الأوّليّة والأساسيّة التي تميّز الحركات النسائيّة والنسويّة في العالم وتميّز وجودها وحراكها مؤيّدة حرب الإبادة على غزّة.

أمّا هوّاري، فقد ادّعت أنّ الخطاب النسويّ لدى التيّار المركزيّ في إسرائيل مرتبط بنيويًّا بالمنظومة الاستعماريّة وملتزم بمشروعها وخطابها، ومثالًا على هذا قدّمت قراءة في الخطاب النسويّ وخطاب الحرّيّات لدى المشارِكات والمشارِكين في الاحتجاجات على ما يسمى "خطّة الإصلاح  القضائيّ"، مشيرة إلى أنّ الحرب التي شنّها الحراك الحامل للخطاب النسويّ في إسرائيل على حكومة نتنياهو واليمين المتطرّف لم تَقُمْ ضدّ عنصريّة هذه الحكومة وقوانينها الفاشيّة ضدّ الفلسطينيّين وإنّما لكون هذه الحكومة ضدّ المساواة الجندريّة للنساء اليهوديّات وضدّ حقوق مجتمع الميم اليهوديّ. الحراك "لنسويّ" نفسه المسخَّر لأجل مصلحة القبيلة ظهر بأقوى تجلّياته بعد السابع من أكتوبر؛ فقد تركّزت الجهود "النسويّة" في دعم الجيش وفي دفع تمثيل النساء في مواقع صنع القرار الحربيّ، بينما في الدفاع عن النساء الإسرائيليّات كاد ينعدم الصوت المناهض للحرب ولإبادة النساء والرجال والأطفال الفلسطينيّين لدى التيّار النسويّ المركزيّ في إسرائيل.

وعقّبت على المداخلات الـﭘـروفيسورة ليلى فرسخ، الباحثة في الاقتصاد السياسيّ والأستاذة المشارِكة في العلوم السياسيّة في "جامعة ماساتشوستس"، مشيدة بأهمّيّة مصطلح الأشلاء الذي تقدّمت به نادرة شلهوب-كيـﭬـوركيان كمصطلح مفاهيميّ للتعامل مع حقيقة الإبادة التي يعيشها الشعب الفلسطينيّ في ظلّ العدوان الصهيونيّ على غزّة، مؤكّدة أنّ هذا المصطلح يمكّن من عرض تحليل نسويّ تحرُّريّ مركزيّ لأيّ محاولة لِلَمّ الأشلاء جسديًّا وسياسيًّا وبالتالي لتحدّي الإبادة والنهوض من الركام. "لـمّ الأشلاء" تعبير أو مصطلح يساعدنا أيضًا على فهم الحراك الطلّابيّ العالميّ الذي تناولته ضاهر وزعبي في ما يتعلّق بألمانيا؛ إذ أظهرت المداخلة بشأن ترابط الخارج بالداخل الفلسطينيّ وحدةَ الشعب والقضيّة الفلسطينيّة رغم التفتُّت الجغرافيّ والإقصاء الغربيّ. هذا الحراك أظهر أيضًا عمق الفَهْم النسويّ في النشاط الطلّابيّ رغم غياب أيّ خطاب نسويّ رسميّ، وهو ما يدلّ على أهمّيّة العمل التراكميّ النسويّ الفلسطينيّ إلى يومنا هذا.

جاءت الجلسة الثانية بعنوان "انتهاك الأجساد؛ قراءة نسويّة"، وأدارتها عرين هوّاري. قدّمت المداخلةَ الأولى، التي كانت بعنوان "من أبو غريب إلى غزّة: التعذيب من منظور نسويّ تقاطعيّ"، د. إيزيس نصير المحاضِرةُ في دراسات المرأة والجندر والدراسات الدوليّة في "جامعة دينيسون"، وتطرّقت خلالها إلى كيفيّة تبرير الخطاب الأساسيّ والثنائيّ للاستشراق وفرط الذكورة العسكريّ، لتسهيل وتشكيل التعذيب الجنسانيّ والعنصريّ والجنسيّ للفلسطينيّين في غزّة، محلِّلةً الروابط بين التعذيب في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتّحدة للعراق في عام 2003 والجيش الإسرائيليّ في غزّة في 2023-2024. وتناولت تمثيل «العدوّ الآخر» في الخطاب الإسرائيليّ الرسميّ الذي ردّد تمثيلات مماثلة لتنظيم القاعدة في أعقاب هجمات 11/9/2001، والذي يُظهِر الفلسطينيّين بوصفهم «متخلّفين» وَ «بربريّين» وَ «حيوانات بشريّة»، وكجزء من صراع بين «النور والظلام» والعالَمَيْن «المتحضّرين وغير المتحضّرين». استنادًا إلى تحليل شهادات الرجال والنساء الفلسطينيّين، تتبّعت نصير كيف تتشابك هذه الخطابات والتمثيلات الاستعماريّة الاستيطانيّة مع الرغبة في إضعاف «الآخرين الأعداء» والحكْم عليهم، مشيرة إلى الأعمال المتكرّرة المتمثّلة في تجريد المعتقَلين الفلسطينيّين من ملابسهم كدليل على نظرة استعماريّة ترمي إلى كشفهم واختراقهم والسيطرة عليهم. واختتمت مداخلتَها بتحليل أنماط المقاومة المحلّيّة وعبْر الوطنيّة لنظام الهيمنة والقضاء على الإبادة الجماعيّة.

وجاءت المحاضرة الثانية بعنوان "حرمة الأجساد ودلالات اللباس تحت القصف في قِطاع غزّة"، وقد قدّمتها د. هديل رزق-القزّاز، الباحثة النسويّة من غزّة والمقيمة في الضفّة الغربيّة. أكّدت رزق-قزّاز في مداخلتها أنّه في غمرة حرب الإبادة على غزّة تتجلّى استخدامات الملابس لا كوسيلة سيطرة على أجساد النساء، بل كفعل مقاوِم في مواجهة الانتهاك اليوميّ لحرمة الأجساد والهُويّة وللعجز التامّ عن الفعل اليوميّ المتمثّل في الحياة والتعبير عن الشخصيّة أو الهُويّة الوطنيّة. في الوقت الذي تتدمّر فيه آخر معاقل الأمن والأمان من بيوت ومنازل (بل حتّى الخِيام)، يطلّ لباس الصلاة- الزيّ الرسميّ للحرب- كتعبير عمليّ واقتصاديّ ورسالة سياسيّة وفعل مقاوِم لكلّ الأفكار والأحكام المسبقة.

وفي مداخلة بعنوان "الحرب على غزة والحرب على الغزّيّين في السجون؛ تعذيب وتنكيل: تجربة محامية نسويّة"، تحدّثت جنان عبده، المحامية والباحثة والناشطة النسويّة المختصّة في قضايا الأسرى والتعذيب، عن تجربتها في متابعة قضايا معتقَلين من غزّة، وزيارتهم في السجون العسكريّة وسماع إفادات محرَّرين منهم والتواصل مع عائلاتهم. قدّمت عبده قراءة للممارسات في سياق السياسات التي توجّهها وكيف يعمل القانون والإجراءات القانونيّة في خدمة السياسة حيث جاءت التعديلات القانونيّة بعد السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) ومن ضمنها "المقاتل غير الشرعيّ" لترسيخ وتبرير انتهاك حقوق الإنسان الفلسطينيّ المعتقَل وتغييب إنسانيّته وتصويره على أنّه وحش بالإمكان التنكيل به وتعذيبه ومنعه من نَيْل أيّ إجراء قانونيّ عادل، بما في ذلك التسبُّب في إخفاء قسريّ للمعتقَلين دون البوح بمكان وتفاصيل اعتقالهم ومنع لقائهم بمحامين وقطعهم كلّيًّا عن العالَـم. وتحدّثت عن الإجراءات الجديدة التي تعوّق وتصعّب زيارات المحامين للأسرى، وأشارت إلى الضغط النفسيّ الكبير الذي واجهته كمحامية في زيارة أسرى غزّة في السجون العسكريّة المنقطعين عن العالم والممنوعين من التواصل مع عائلاتهم، وأكّدت على أهمّيّة هذه الزيارات في كونها إضافة إلى العامل القانونيّ والرقابة، وعلى أهمّيّة التوثيق والكشف عمّا يحدث في السجون والذي يذكّر -إلى حدّ بعيد- بما حدث في "ﭼـوانتانامو" وفي "أبو غريب".

أمّا الجلسة الثالثة، فجاءت بعنوان "مقاربة نسويّة للجريمة والعنف السياسيّ والجنسيّ"، وأدارتها جوانا جبارة، منسّقة برنامج دعم طلبة الدراسات العليا في «مدى الكرمل» ومرشَّحة دكتوراة في مجال الجندر في "جامعة تل أبيب". كانت المحاضَرة الأولى في هذه الجلسة بعنوان "البحث عن ملاذ: قراءة إثنوﭼـرافيّة في تجربة مجتمع الميم من الأراضي المحتلّة عام 1967 مع بيروقراطيّة الاحتلال"، وقد قدّمتها زينب حسن، الباحثة وطالبة الماجستير في علم الإنسان في "جامعة تل-أبيب".

تناولت حسن في مداخلتها تجربة الفلسطينيّين والفلسطينيّات من الضفّة الغربيّة الذين لجأوا إلى دولة إسرائيل بسبب تعرُّضهم لتهديدات ومضايقات من العائلة والبيئة المقرَّبة نتيجة لهُويّتهم الجنسيّة والجندريّة، متوقّفة عند مستويات العنف المختلفة وممارساته على الأفراد، وذلك من خلال شرح مفصّل للسيرورة البيروقراطيّة التي يحصل من خلالها الفرد على تصريحِ إقامة مؤقَّتٍ ومشروطٍ في دولة إسرائيل. وأشارت إلى أنّ هذه السيرورة اعتباطيّة، مبنيّة على قوانين متغيّرة دون أساس ثابت، وهو ما يضع الفرد في حالة انتظار وعدم استقرار دائمة، فيصبح متعلّقًا بقرارات وأَجِنْدة المحتلّ الخفيّة. بذلك، تُعَدّ هذه السيرورة نوعًا من أنواع العنف البيروقراطيّ الذي يؤدّي إلى تحويل الفرد إلى فريسة للاستغلال السياسيّ، والاجتماعيّ، والاقتصاديّ، والجنسيّ. وتابعت مداخلتها متطرّقة إلى الأنواع المختلفة من العنف الذي تتعرّض له هذه المجموعة، ممّا قد يضع عددًا كبيرًا من أفرادها ضحيّة للاستغلال الجنسيّ، مستخلصة أنّ الفلسطينيّ في هذه الحالة يجد نفسه عالقًا بين خيارِ البقاء بين عائلته وبيئته المقرَّبة التي ترفض هُويّته الجنسيّة والجندريّة، واحتوائِهِ من قِبل محتلِّهِ بشروط وأشكال من العنف التي قد تبدو خفيّة للوهلة الأولى.

وفي مداخلة حملت العنوان "تغييب أصوات النساء بين النظريّ والميدانيّ "، تحدّثت رنين ذياب، الناشطة الاجتماعيّة وطالبة الماجستير في علم الإنسان في جامعة حيفا، عن الحراك النسائيّ الطمراويّ وكيفيّة تبلوره وتنظيمه من صرخة النساء واحتياجهنّ إلى منصّة ومساحة تسمح لهنّ برفع أصواتهنّ عاليًا بعد أن غُيِّبت تلك الأصوات في مواقع اتّخاذ القرارات ومجموعات الصلح. وشدّدتْ ذياب في مداخلتها على أنّ تغييب أصوات النساء هو ممارسة يوميّة تمارَس ضدّ النساء في أبسط احتياجاتهنّ، وقَرَنَتْ بين البحثِ الميدانيّ في طمرة في موضوع المواصلات العامّة والكيفيّة التي بها جرى إقصاء النساء وكلّ من يستعملون المواصلات العامّة على نحوٍ يوميّ، والنظريّاتِ ومخطَّطاتِ العمل التي تكون بعيدة كلّ البعد عن الاحتياج الميدانيّ، سواء أكانت هذه المشاريع في موضوع العنف والجريمة أَمْ في موضوع خدماتيّ مثل خدمة المواصلات العامّة.

وأمّا المداخلة الأخيرة في الجلسة، والتي كانت بعنوان "الاعتداءات الجنسيّة في ظل النزاعات والحروب"، فقد قدّمتها نسرين طبري، الناشطة السياسيّة ومديرة التنظيم النسويّ "كيان". وقد جاء فيها أنّ الحروب والصراعات هي بيئة خصبة للجرائم الجنسيّة، مضيفة أنّه في ظلّ المجتمعات الذكوريّة يوظّف الجناة مفهوم "الشرف" للنَّيْل من كرامة الرجال، ممّا يفاقم مخاوفهم ويحطّم روحهم المعنويّة وبالتالي يكسر إرادتهم وإرادة مجتمعهم في المقاومة. وقد جاء في مداخلتها "أنّ التركيبة المجتمعيّة الذكوريّة التي تهَيْمِن على مجتمعنا الفلسطينيّ هي الخاصرة الرخوة التي ينال الخصم من خلالها مآربه، وستبقى عائقًا أمام اكتمال نضالاتنا من أجل التحرُّر السياسيّ والاجتماعيّ، إذا لم ندرك أنّه لا أفق لتحرُّر مجتمعنا وبلادنا دون التكامل والتلاحم في النضالَيْن الوطنيّ والنسويّ".    

وفي تعقيب قدّمته إيزيس نصير، أشارت إلى أهمّيّة ما جرى في الجلسة من تداخل بين الأجيال المختلفة من الباحثات والناشطات النسويّات والاستفادة من تراكم العمل خلال الجيلين، وكذلك من التداخل بين النظريّة والممارسة النسويّة. وأشارت كذلك إلى أهمّيّة المنظور النسويّ التقاطعيّ الذي يقرأ كلّ ظاهرة بتقاطعها مع المباني الاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة والثقافيّة، وشدّدت على دَوْر المؤسَّسات وأهمّيّة التعبئة وعدم التعامل مع أيّ شريحة مهمَّشة -كمجتمع الميم وغيره- على أنّها موضوع للبحث أو لتلقّي الخدمة، بل على أنّها طرف فاعل ومؤثّر. وطرحت في نهاية تعقيبها جملة من الأسئلة، من بينها: كيف نتحدّث عن العنف في ظلّ الإبادة الواقعة في غزّة؟ وكيف نعزّز التواصل والبناء المجتمعيّ في الجغرافيّات الفلسطينيّة المختلفة؟ وكيف في الإمكان إعادة التفكير في خلق مناطق محرَّرة أي مساحات بها حرّيّة وعدالة وكرامة أكثر؟

أكّدت المشارِكات خلال الجلسات على أهمّيّة الاستمرار في ورشاتٍ تُناقشُ الواقع السياسيّ والحرب الإباديّة من منظور نسويّ يجمع بين التحليل الأكاديميّ والفكر والممارسة التحرُّريّة. وأكّدت القائمات على الورشة على أنّ برنامج الدراسات النسويّة يقوم بالتواصل مع معهد دراسات المرأة في جامعة بير زيت، وذلك في سبيل القيام ببرنامج مشترَك يستمرّ في مقاربة القضايا المطروحة في الورشة وقضايا أخرى لا تقلّ أهمّيّة في سياقنا.

 

الاكثر قراءة