دراسات عن اسرائيل/
أحداث / كيف نفهم الصهيونيّة وندرسها؟: اللقاء الثالث من سمينار دراسات إسرائيل كانون ثاني 2025عَقَدَ مركز مدى الكرمل، يوم الجمعة الفائت (31/1/2025)، اللقاء الثالث من سلسلة لقاءات "سمينار دراسات إسرائيل"، متناولًا فيه موضوع "كيف نفهم الصهيونيّة وندرسها؟".
اُفتُتِح اللقاء بمداخلة من الباحثة المتخصّصة في علم الاجتماع السياسيّ والثقافيّ، ومديرة المركز الفلسطينيّ للدراسات الإسرائيليّة (مدار)، د. هُنَيْدة غانم، فقدّمت تحليلًا نقديًّا معمَّقًا للأزمة البنيويّة التي يواجهها المشروع الصهيونيّ المعاصر. استند التحليل إلى إطار نظريّ يجمع بين التحليل السوسيولوجيّ التاريخيّ ونظريّات الاستعمار الاستيطانيّ، كاشفًا عن التناقضات الداخليّة في بنْية الدولة الاستعماريّة الإسرائيليّة، ولا سيّما ما يتعلّق بفشل إستراتيجيّة "الجدار الحديديّ" التي صاغها جابوتنسكي والتي تعتمد على فرضيّة إمكانيّة فرض تسوية أحاديّة الجانب من خلال القوّة العسكريّة المطلَقة؛ وهو ما يواجه تحدّيات متزايدة في السياق الراهن.
تحدّثت د. غانم كذلك عن التحوُّل الجوهريّ في البنْية الاجتماعيّة الإسرائيليّة، والذي يتمثّل في تراجُع هيمنة النخبة الأشكنازيّة العلمانيّة المؤسِّسة لصالح قوى اجتماعيّة جديدة من المستعمِرين المستجدّين، ولا سيّما الشرقيّين والمتديّنين والحريديّين. وقد ادّعت غانم أنّ هذا التحوُّل أدّى إلى إعادة تشكيل الخطاب الصهيونيّ وأهدافه، وهو ما أفضى إلى ما تصفه بـِ "نقطة الفرادة الجذبويّة"، وهي لحظة تتقاطع فيها الصراعات الدينيّة والقوميّة والعالميّة. طرحت د. غانم ثلاثة سيناريوهات مستقبَليّة محتمَلة: تصاعد العنف الراديكاليّ، الحسم الديموﭼـرافيّ لصالح التيّار الدينيّ؛ تفكيك البنْية الاستعماريّة لصالح نظام قائم على العدالة والمساواة. وأكّدت على أهمّيّة دَوْر فلسطينيّي الداخل كعامل محتمَل في تفكيك البنْية الاستعماريّة، مع الإشارة إلى التحدّيات المرتبطة بتصاعد المركِّب اليهوديّ المتديّن في المجتمع الإسرائيليّ.
أمّا الجزء الثاني من اللقاء، فقدّم فيه أستاذ التاريخ اليهوديّ والباحث المتخصّص في قضايا العلمانيّة والقوميّة في السياق الإسرائيليّ، الـﭘـروفيسور أمنون راز-كراكوتسكين، مداخلة تناولت عدّة مَحاور، منها الهُويّة اليهوديّة، والصهيونيّة، والوضع السياسيّ في إسرائيل، مشدِّدًا على غياب التدوين التاريخيّ اليهوديّ بعد التوراة، وتأثير التفاعل مع الفلسطينيّين في تشكيل الهُويّة اليهوديّة-الصهيونيّة. كذلك تناوَلَ مفهومَ "الدمار" في الخطاب الصهيونيّ، إذ يجري توظيفه كتهديد دائم يُستخدَم لإعادة تشكيل الذاكرة الجماعيّة، وربطه بمحاولة محو تاريخ الاستعمار عبْر استغلال الهولوكوست.
أشار الـﭘـروفيسور راز-كراكوتسكين إلى أنّ الصهيونيّة الدينيّة تُعتبَر الامتداد الحقيقيّ للصهيونيّة اليوم، حيث تستند إلى رُؤًى دينيّة تبرّر الاحتلال. وأعرب عن المخاوف المتزايدة من إمكانيّة تنفيذ الترانسفير بحقّ الفلسطينيّين. إضافة إلى هذا، ناقش فكرة الدولة الثنائيّة القوميّة حلًّا محتمَلًا، رغم المعارضة الشديدة لها، وطرح تساؤلات حول إمكانيّة تنفيذها ومستقبَل المنطقة المجهول.