دراسات عن اسرائيل/

أحداث / العلاقة بين الإنتاج الثقافيّ الإسرائيليّ والتحوُّلات المجتمعيّة والسياسيّة- اللقاء السادس (أيّار 2025)
big-img-news
بواسطةMada Admin | 12 مايو 2025

العلاقة بين الإنتاج الثقافيّ الإسرائيليّ والتحوُّلات المجتمعيّة والسياسيّة- اللقاء السادس (أيّار 2025)

عَقَد مدى الكرمل، في يوم الجمعة الثاني من أيّار الجاري (2/5/2025)، اللقاءَ السادس من سمينار دراسات إسرائيل، وفيه استضاف الباحثَ في الشؤون الإسرائيليّة والناقد الأدبيّ، أنطوان شلحت، إلى جانب محمّد جبالي، الباحث والكاتب المستقلّ صاحب الإسهامات الفنّيّة المتعدّدة. قدّم اللقاء تحليلًا معمَّقًا للعلاقة بين الإنتاج الثقافيّ الإسرائيليّ والتحوُّلات المجتمعيّة والسياسيّة.

أوضح شلحت في مداخلته كيف شكّل الأدب الديستوﭘـيّ الإسرائيليّ مرآة كاشفة للتحوُّلات العميقة في المجتمع الإسرائيليّ. هذا النوع الأدبيّ، الذي ازدهر بعد حرب لبنان عام 1982، يتجاوز التحليلات السياسيّة المرتبطة بالمصالح الحزبيّة ليعبّر على نحوٍ أكثر وضوحًا عن التحوُّلات المجتمعيّة.

تناول شلحت نماذج مهمّة من هذا الأدب، مثل رواية "الطريق إلى عين حارود" لعاموس كينان وَ"الهيكل الثالث" ليشاي ساريد، موضّحًا كيف تعكس هذه الأعمال صراعات معقّدة داخل المجتمع الإسرائيليّ: بين القدس كرمز للتطرُّف الدينيّ وتل أبيب كرمز للانفتاح، وبين التبعيّة للولايات المتّحدة والنزعة الاستقلاليّة. أكّد شلحت أنّ هذا الأدب يكشف الجدل الداخليّ حول طبيعة الصهيونيّة ومستقبَلها، لافتًا الانتباه إلى ظهور روايات بعد عام 2015 كتبها خرّيجو المؤسَّسة الأمنيّة الإسرائيليّة تتنبّأ لإسرائيل بمستقبَل قاتم.

في الجزء الثاني من اللقاء، قدّم محمّد جبالي تحليلًا معمَّقًا للعلاقة بين الفنّ الإسرائيليّ والمجتمع، مستكشفًا كيفيّة فَهْم الموجات المجتمعيّة في إسرائيل من خلاله، وتوسيع النظرة حول ماهيّة الصهيونيّة وتجلّياتها المختلفة. طرح جبالي تساؤلات حول التعريف التقليديّ للصهيونيّة كحركة قوميّة يهوديّة أوروﭘـيّة ومدى ملاءَمة هذا التعريف للواقع المعاصر.

حلّل جبالي كيفيّة إسهام الحقل الفنّيّ في صياغة المنظومة الحسّيّة الحدوديّة للمجتمع الإسرائيليّ بشكل توسُّعيّ دائم، مستخدمًا خطابًا ديمقراطيًّا واحتواء الهوامش وإدخال الآخر، وكذلك أوضح دَوْرَ النظريّة النقديّة الإسرائيليّة المتجسّدة في الحقل الفنّيّ في تشكيل المجتمع الإسرائيليّ الحاليّ.

وَفْقًا لتحليل جبالي، التساؤل الجماليّ في الفنّ الإسرائيليّ يحوّل العمليّات الحدوديّة من "عمليّات عنيفة مهدِّدة للجسد إلى عمليّات مثيرة حسّيًّا"، ممّا يؤدّي إلى تلطيف العنف وتحويله إلى تجربة حسّيّة جذّابة. وهذا، بحسب رأيه، يسهم في شَرْعَنَة عمليّات الاشتباك مع الفلسطينيّين وتوسيع الحيّز الإسرائيليّ.

أثارت المداخلتان نقاشات معمَّقة بشأن العلاقة الجدليّة بين الإنتاج الثقافيّ والتحوُّلات السياسيّة، وكيفيّة استخدام الأعمال الأدبيّة والفنّيّة في تشكيل الوعي الجماعيّ وإعادة إنتاج المفاهيم السياسيّة. يُبرِز هذا النقاش أهمّيّة تحليل الخطابات الثقافيّة باعتباره مدخلًا أساسيًّا لفَهْم المشهد الإسرائيليّ المعاصر وتحوُّلاته العميقة، بعيدًا عن القراءات السياسيّة المباشرة.

يقدّم كلّ من الأدب الديستوﭘـيّ والفنّ الإسرائيليّ أدوات تحليليّة إضافيّة تتيح قراءة أعمق للواقع الإسرائيليّ، وتكشف عن التناقضات والصراعات الداخليّة التي تشكّل المجتمع الإسرائيليّ وتحدّد مستقبَله السياسيّ.

الاكثر قراءة