big-img-news
بواسطةMada Admin | 3 يوليو 2024

مؤتمر «مدى الكرمل» السنويّ 2024: فلسطينيّو 48 والحرب غزّة- حزيران 2024

عقد «مدى الكرمل- المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة» مؤتمره السنويّ لعام 2024، تحت عنوان «فلسطينيّو 48 والحرب على غزّة»، يوم السبت، 29 حزيران 2024، في مدينة الناصرة. شمل المؤتمر جلسة افتتاحيّة وجلستين بحثيّتين، الأولى عنوانها «الخطاب والسياسيات الإسرائيليّة خلال الحرب»، والثانية «الخطاب والأداء الفكريّ والسياسيّ الفلسطينيّ خلال الحرب»، قدّم خلالها باحثات/ ون وناشطات/ ون أوراقًا تبحث حالة فلسطينيّي 48 في سياق حرب الإبادة والتطهير العرقيّ الّتي تشنّها إسرائيل على قطاع غزّة منذ السابع من تشرين الأوّل 2023، ضمن حقول معرفيّة مختلفة، منها السياسيّ، والقانونيّ، والطلّابيّ، والثقافيّ، والإبداعيّ، وغير ذلك.

 افتتحت المؤتمر جوانا جبارة، مرشّحة الدكتوراة في الجندر ومنسّقة مؤتمر «مدى الكرمل» السنويّ لعام 2024، داعية الحضور للوقوف دقيقة حداد على أرواح شهداء فلسطين الأبرار.

 

الجلسة الافتتاحيّة

ألقت الكلمة الافتتاحيّة للمؤتمر د. عرين هوّاري، الباحثة في الدراسات النسويّة ومديرة «مدى الكرمل»، بكلمة ممّا جاء فيها: "نعم، دورنا الأساسي وطنيّ، ولكن، ولكوننا مركزًا أكاديميًّا ومركز أبحاث تطبيقيّة، علينا كذلك المساهمة في فهم دورنا، وفي فهم آليّات القمع الفاعلة من أجل إخراسنا وتخويفنا، وقد أصدرنا عشيّة مؤتمرنا هذا تقريرًا عن العنصريّة والقمع تجاهنا إبّان الحرب. لكنّنا نسعى كذلك لقراءة وتحليل، وربّما مفهمة، فاعليّتنا، أو بالأحرى إعاقة تلك الفاعليّة، وأن نفهم صمتنا وخوفنا وماذا يقول الصمت والخوف عن النظام القابع فوق رؤوسنا، والمسيطر على الأرض تحت أقدامنا، وماذا يقول عن مواطنتنا المفترضة، وماذا يقول عنّا وعن مركزنا السياسيّ، وماذا قد يقول كذلك، عذرًا منكم، عن تواطئنا". وأضافت هوّاري: "من المتوقّع منّي باحثةً نسويّةً مثلًا، أن أحلّل مباني القوّة والنفوذ، إلّا أنّ المؤسّسة الأكاديميّة في إسرائيل وبعض باحثيها ’المرموقين‘ و’المرموقات‘ نسوا، وربّما لم يكونوا على دراية أصلًا، أنّنا  نحلّل الظواهر القائمة وديناميكيّات القوّة، لا من أجل فهم كيفيّة عملها وتفاعلها مع بعضها البعض فحسب، بل من أجل هدمها وتفتيتها".

وقد تحدّثت من قطاع غزّة عبر كلمة مسجّلة د. إلهام شمالي، الباحثة في القضيّة الفلسطينيّة ومشرفة طلبة الماجستير في «جامعة الأقصى»، قالت: "إنّ تصفية الكفاءات العلميّة والأدبيّة والأكاديميّة، ما هي إلّا حلقة في سلسلة طويلة من الاستهداف لكلّ مَنْ يترك أثرًا كبيرًا في المجتمع الفلسطينيّ من أصحاب التخصّصات النادرة؛ فغيابهم يحدث فراغًا كبيرًا، ويصعب إيجاد بديل لهم إلّا بعد سنوات طويلة، كونهم يشكّلون مرتكزات للعمل الأكاديميّ في القطاع، ما يعني حرمان المجتمع الفلسطينيّ من أكبر قدر من الرموز المؤثّرة والشخصيّات الفاعلة؛ فلا يمكن النظر إلى اغتيال تلك النخب على أنّه عمل عسكريّ عشوائيّ، إنّما ضربات مقصودة موجعة للمجتمع الفلسطينيّ". وأضافت: "الصورة قاتمة، لا يمكن لأحد التنبّؤ بمستقبل وواقع العمليّة التعليميّة إلّا بعد أن تضع الحرب أوزارها تمامًا، ويتعافى القطاع من هذه الحرب المجنونة، ولا يمكن تصوّر ما سيكون عليه التعليم والمدراس السليمة من القصف كافّة يشغلها النازحون".

وفي مداخلته التأطيريّة للمؤتمر المعنونة بـ «فلسطينيّو 48 والحرب؛ المكان والمكانة»، ذهب د. مهنّد مصطفى، الباحث في العلوم السياسيّة والمدير الأكاديميّ لبرنامج «طلبة الدراسات العليا» في «مدى الكرمل»، إلى أنّه يجب ألّا "ننسى بعد ثمانية أشهر من الحرب، أنّ الأشهر الثلاثة الأولى منها، سادت في صفوفنا حالة من الخوف؛ خوف بثّه الجمهور للقيادة وبثّته القيادة للجمهور، وشاركت فيه نخب من كلّ القطاعات بدون استثناء. ماذا يدلّ ذلك؟ أنّ المواطنة لم تكن وهمًا تعاملت به إسرائيل معنا، بل كانت بالمفهوم النظريّ مواطنة فارغة، لم نجرؤ حتّى على اختبارها في الحرب، لأنّنا كنا نعلم في قرارة أنفسنا، وإدراكنا العقليّ وحدسنا الداخليّ والفطريّ، أنّها لن تحمينا، وأنّ الدولة هنا مشروع لم يكتمل ولن يكتمل". وأضاف: "أهالي غزّة أعادوا قضيّة فلسطين للواجهة، علينا أن نمسكها، كما تحاول الآن كلّ الجاليات الفلسطينيّة في العالم أن تتنظّم من جديد، ونحن لسنا جالية، نحن في الوطن ولا نتنظّم".

ضمن الجلسة الافتتاحيّة، استعرض د. امطانس شحادة، الباحث في العلوم السياسيّة ومدير برنامج «دراسات عن إسرائيل» في «مدى الكرمل»، نتائج الاستطلاع السنويّ الّذي أجراه المركز في أيّار 2024، وقدّم قراءة في معطياته تحت عنوان «مواقف المجتمع العربيّ تجاه الحرب على قطاع غزّة وإسقاطاتها السياسيّة: تحليل استطلاع رأي عامّ». جاء في مداخلة شحادة: "الحرب على قطاع غزّة بيّنت هشاشة المواطنة الممنوحة للفلسطينيّين في إسرائيل وخواءها، وخضوعها التامّ للدوافع والاحتياجات الأمنيّة، ولاحتياجات الإجماع الصهيونيّ وشروطه. كما أفضت إلى محو الهامش السياسيّ الّذي أُتيح للفلسطينيّين في إسرائيل لممارسة أبسط حقوقهم، وإلى محاولة فرض حدود جديدة للتعبير والعمل السياسيّ. قد تتحوّل الإجراءات الإسرائيليّة الحاليّة تجاه المواطنين الفلسطينيّين إلى حالة ثابتة بعد الحرب إذا اقتنع الإجماع الصهيونيّ بنجاعتها، وإذا لم يتمّ التصدّي لها بحزم". وممّا جاء في مداخلة شحادة أيضًا: "تعامل الأحزاب العربيّة ولجنة المتابعة مع الواقع الجديد والتحوّلات كان متواضعًا وخجولًا، ولم يشكّل تحدّيًا للسياسات والممارسات الحكوميّة. لم تدفع الحرب على قطاع غزّة الأحزاب السياسيّة، والمجتمع العربيّ عامّة، إلى إعادة النظر في المشاريع السياسيّة المطروحة، أو على الأقلّ إعادة قراءة للحالة السياسيّة في ضوء الوضع الجديد المتشكّل في إسرائيل، الّتي قد تكون مؤسّسة لمرحلة جديدة مختلفة في العلاقة بين المواطنين العرب مع إسرائيل".

الجلسة الأولى- الخطاب والسياسات الإسرائيليّة خلال الحرب

الجلسة البحثيّة الأولى من المؤتمر كان عنوانها «الخطاب والسياسات الإسرائيليّة خلال الحرب»، قدّمت أولى مداخلاتها د. هنيدة غانم، الباحثة في علم الاجتماع السياسيّ ومديرة «المركز الفلسطينيّ للدراسات الإسرائيليّة- مدار»، تحت عنوان «صحوة الأميرة النائمة؛ قراءة في خطاب اليسار الإسرائيليّ». ممّا جاء في مداخلة غانم: "بعد السابع من أكتوبر عمّت مقالات ’التوبة‘ الصحف الإسرائيليّة الليبراليّة كما المحافظة، وكان الحديث عن أيّ سياق مرتبط بالحدث يُقابَل بهجوم شديد وباتّهام بالسطحيّة، وقد تربّعت مقولة ’الأمر معقّد‘ و’القصّة مركّبة‘ على عرش ’خطاب الصحوة‘، وتحوّلت إلى تميمة؟ يُرْمى بها مَنْ يتحدّث عن الاستعمار/ الأبارتهايد/ الاحتلال. في هذا الواقع يعود اليساريّ إلى جعبته الّتي اجترح منها اليسار القبليّ تصوّراته هناك، في أوروبّا، إلى معاداة الساميّة وكيشينف، إلى الغيتو، يأخذ منه التصوّرات الّتي تُمَنْطِق تجربته بعد أن حوّل الاستعمار إلى نقطة عماء". وأضافت غانم: "انصبّ الانشغال الإسرائيليّ في ظلّ الصدمة بتفاصيل الحدث المروّعة ومطالبته إمّا بتعليق السياق أو بإنكار أيّ علاقة بين السياق والحدث، أو التركيز على البعد الأخلاقيّ للحدث الّذي على أهمّيّته لا يفسّر شيئًا، لدرجة أصبحت فيها كلمة سياق بوحي من قصيدة الشاعر العراقيّ ميثم راضي ’كلمة رديئة‘، والحديث عن السياق بمثابة تهمة. لم ينكر الخطاب الإسرائيليّ السياق بل ذهب نحو تسطيح أيّ حديث عن ’احتلال‘، أو ’استعمار‘، أو ’أبارتهايد‘، واتّهام مَنْ يقوم بذلك بأنّه متواطئ، أو سطحيّ، أو ساذج".

المداخلة الثانية من الجلسة الأولى قدّمها يوسف طه، القياديّ الطلّابيّ والحاصل على الماجستير في العلوم الإنسانيّة، تحت عنوان «الطلبة الفلسطينيّون في الجامعات الإسرائيليّة؛ بين الملاحقة والفاعليّة المحدودة»، وممّا جاء فيها: "تعيش الحركة الطلّابيّة الفلسطينيّة انحسارًا وتراجعًا منذ بداية حرب الإبادة في قطاع غزّة، وهو ما من الممكن أن يُعَدّ مفهومًا في سياق حملة الملاحقة للطلّاب منذ بداية الحرب، ومحاولة الطلّاب والحركات الطلّابيّة أن تخرج من هذه الأزمة بسلام. هناك من الحركات الطلّابيّة نفسها مَنْ يرى أنّ هذا الدور كان يجب أن يكون أكثر شجاعة وتقّدمًا عن الحالة السياسيّة العامّة الّتي يعيشها الداخل [فلسطين 48]؛ ليكسر جدار الخوف والصمت ويقود ويتماهى مع شعبه في وجه آلة الحرب، ويتكامل مع الحركة الطلّابيّة العالميّة الّتي خلقت شكلًا سياسيًّا جديدًا حول العالم لفلسطين، ودعمًا غير مسبوق للفلسطينيّين وقضيّتهم". وأضاف طه: "تقاطعت الحركات الطلّابيّة بشكل كبير مع أداء القيادة السياسيّة للمجتمع العربيّ في الداخل، وشخّصت أنّ هذه الفترة فترة إعادة تنظيم وحفاظ على الموجود منعًا من الانهيار. يبقى الامتحان الحقيقيّ أمام الحركات الطلّابيّة في الفترة القادمة محاولة النهوض ومواصلة النشاط بما يتلاءم مع السقف الّذي فرضته خلال السنوات الأخيرة، وذلك في ظلّ تحوّل كبير في المجتمع الإسرائيليّ، وحملة واسعة على مستوى العالم ضدّ الأكاديميّات الإسرائيليّة الّتي لها أن تؤثّر أيضًا في سياسات الجامعات، الّتي ساهمت هي أيضًا في حملة كمّ الأفواه والملاحقة والتخابر ضدّ طلّابها، وهو ما يضعها أيضًا في امتحان جديد يحدّد مستقبل العلاقة بين الطلّاب العرب والأكاديميّين خاصّة، والمؤسّسات الأكاديميّة الإسرائيليّة عامّة".

المداخلة الثالثة من الجلسة الأولى قدّمها محمّد عوّاد، المحامي والناشط السياسيّ، تحت عنوان «فلسطينيّو 48 وصفقة التبادل؛ بين مواطنة العدوّ والمواطنة العارية»، وممّا جاء فيها: "يُسْأَل السؤال عن طبيعة المواطنة الّتي مُنِحَت للفلسطينيّ في إسرائيل؟ ما طبيعة المواطنة الّتي تسمح بالمفاضلة بين أفرادها الممنوحة لهم؟ إنّ إدراج معتقلات فلسطينيّات يحملن المواطنة الإسرائيليّة في صفقة التبادل الأخيرة يكشف لنا جوهر هذه المواطنة. المواطنة ’العارية‘ الممنوحة للفلسطينيّ في إسرائيل تنطبق في عدم انطباقها، تعبّر عن ذاتها في فعل اللاشيء. ليس الفلسطينيّ خارج النظام الإسرائيليّ، لكنّه متضمّن فيه من خلال استبعاده منه. على عكس المواطن الألمانيّ مثلًا، هو خارج النظام الإسرائيليّ ولا تربطه أيّ علاقة به، أمّا الفلسطيني في إسرائيل فهو متضمّن به من خلال استبعاده منه. إنّ المواطنة الممنوحة للفلسطينيّ تحافظ على علاقتها به عن طريق عدم انطباقها عليه، وتخلّيها عنه، وهجرها له، وانسحابها منه. ما يعني أنّ المواطنة فقدت مضمونها، مجرّد مبدأ فارغ، بالتالي يستحيل أن نكون محميّين بواسطتها، بل إنّنا نكون مطرودين من حمايتها". وجاء أيضًا في مداخلة عوّاد: "هذا الإطار النظريّ لا يقتصر فقط على قرار إدراج معتقلات فلسطينيّات في صفقة التبادل من أجل الإفراج عن معتقلين يهود، بل هو مظلّة عامّة وإطار عامّ يشمل جميع ممارسات إسرائيل ضد فلسطينيّي 48 بعد السابع من أكتوبر، بوصفه حدثًا استثنائيًّا ومؤسّسًا".

أدار الجلسة الأولى من المؤتمر طارق خطيب، المحامي والناشط السياسيّ ومقدّم «بودكاست مدى الكرمل».

الجلسة الثانية- الخطاب والأداء الفكريّ والسياسيّ الفلسطينيّ خلال الحرب

الجلسة البحثيّة الثانية من المؤتمر كان عنوانها «الخطاب والأداء الفكريّ والسياسيّ الفلسطينيّ خلال الحرب»، قدّمت أولى مداخلاتها حنين زعبي، الناشطة السياسيّة والنائبة السابقة عن «التجمّع الوطنيّ الديمقراطيّ»، تحت عنوان «التحوّل المؤجّل في جزيرة الـ 48: حين نهاب السياسة». ممّا جاء في المداخلة: "الخطاب السياسيّ الرسميّ في الداخل [فلسطين 48] يسير في هذه المرحلة ضمن مسار فصل ’نضال‘ الداخل وليس تلاحمه، حتّى عندما يدعو الواقع ’الموضوعيّ‘ للتلاحم؛ أي حتّى عندما يحمل العالم وأجيال شبابيّة فلسطينيّة خطابًا لا يمكن إغفاله، يتعلّق بوحدة الشعب والوطن، فيما يشبه حالة من رفض الداخل للتحوّل الإستراتيجيّ، رفضه ليس بمعنى رفض الانخراط في خطّة عمل وإستراتيجيّات تَلاحُم، بل رفضه بمعنى رفض التنظير للفكرة، رفض الخطاب السياسيّ الرسميّ في الداخل حَمْل خيال التلاحم أفقًا للفعل السياسيّ، وحتّى الحماية السياسيّة الوحيدة، بغضّ النظر عن إمكانيّاته الحاليّة؛ فالتحوّلات كما أظهرت ’لحظة غزّة‘ تبدأ بالخيال، وقد حاولت هذه الورقة البحث عن الخيال وليس عن الواقع، أو بالأحرى البحث عن خيال الحاضر مؤشّرًا ممكنًا لواقع قادم". وأضافت زعبي: "ليست مشكلة هذا الخطاب الأكبر أنّه لم يقلب فرضيّات سياسيّة فقط، بل المشكلة أنّه يتّجه نحو الانسحاب من السياسة، من اللحظة، من المرحلة. الأمر الّذي يجعله استثناءً، ليس فقط مقابل سائر شعبه الفلسطينيّ، بل مقابل المنطقة وناشطي العالم. الخطاب السياسيّ الرسميّ للداخل يبرز بصفته حالة أوتيزم سياسيّ".

المداخلة الثانية من الجلسة الثانية قدّمها حبيب مخّول، الباحث في «مدى الكرمل» والحاصل على الماجستير في السياسات العامّة، تحت عنوان «قصّة العمّ توم؛ فلسطينيّو 48 والهامشيّة السياسيّة»، وممّا جاء فيها: "تتطلّب حالة عبد المنزل شرطين اثنين وفق مالكوم إكس؛ أوّلهما وجود علاقة العبد/ السيّد، المستعمِر/ المستعمَر. ثانيًا، تحقّق التفرقة بينهما في نظر العبيد أنفسهم. هذان الشرطان موجودان في فلسطين التاريخيّة. منذ 1967 قُسِمَ الفلسطينيّون إلى قسمين مركزيّين: فلسطينيّو المنزل وفلسطينيّو الحقل. فلسطينيّ المنزل يسكن مع سيّده، أمّا فلسطينيّ الحقل فهو خارج هذه ’الجدران‘. هنا نقف على أهمّيّة التفاوت في معاملة إسرائيل للفلسطينيّين، شرطًا لتقوية هذه الظاهرة وجعلها ذات وضوح". وأضاف مخّول: "بسبب حجم الكارثة والإبادة الّتي يواجهها الفلسطينيّون في قطاع غزّة والضفّة الغربيّة (فلسطينيّو الحقل)، يقارن فلسطينيّو 48 (فلسطينيّو المنزل) أنفسهم بهم من حيث معاملة النظام الإسرائيليّ (السيّد). هذه المقارنة تجعل الفتات الّذي يمنحه النظام الإسرائيليّ لفلسطينيّي 48 يبدو أفضل وفق البعض، بالتالي فإنّ خسارة فلسطينيّ المنزل في حال انخرط في النضال ستكون أكبر، مع أنّها لا تتغيّر فعليًّا، فالأمر نسبيّ؛ لذلك، سيتراجع ولن يشارك في النضال. خلال «هبّة الكرامة»، الفرق في المعاملة من قبل السيّد بين فلسطينيّ المنزل وفلسطينيّ الحقل كان أقلّ، كما أنّ التهديد للسيّد ومنزله لم يكن بحجم ما حصل في السابع من أكتوبر؛ فالمطالب وقتها كانت تقتصر على وقف تهجير عدد من البيوت في حيّ الشيخ جرّاح، ولم تكن عمليّة عسكريّة مباشرة تهدّد السيّد على نحو يعتبره ’تهديدًا وجوديًّا‘".

المداخلة الثالثة من الجلسة الثانية قدّمها جاد قعدان، مرشّح الدكتوراة في علوم الثقافة واللسانيّات، تحت عنوان «كيف نفهم الإبادة الجماعيّة؟ تحليل نصوص مجلّة فُسْحَة- ثقافيّة فلسطينيّة»، وممّا جاء فيها: "في هذه الورقة طُرِحَ سؤال حول كيفيّة فهم الفلسطينيّين للإبادة الجماعيّة (جينوسايد) في قطاع غزّة والاصطلاح عليه، بقراءة عبر الإطار النظريّ والفلسفيّ الّذي يطرح ثنائيّة العبثيّة والقربانيّة للموت. تدلّ عيّنة النصوص المنشورة في مجلّة «فُسْحَة- ثقافيّة فلسطينيّة» على وجود محاولات متنوّعة وعديدة لمَفْهَمَة المعاناة والموت والإبادة في قطاع غزّة منذ السابع من تشرين الأوّل 2023، لكن ضمن هذا التنوّع، هناك ثيمات أساسيّة برزت في النصوص، أوّلها ثيمة التوثيق والأرشفة. يمكن فهم عمليّة التّوثيق على أنّها عمل مقاوِم لمجهوليّة الموت ("مجرّد أرقام") وللمحو الإبستيميّ للشعب الفلسطينيّ ولتاريخه العينيّ والجمعيّ. ثانيًا، ظهرت ثيمة سرعة وغزارة الموت. إنّ العامل الزمنيّ محوريّ في مسألة التعامل النفسيّ مع الموت، من وجهة نظر المُحْتَضِر وكذلك من وجهة نظر العائلة والأقرباء. في ظروف الإبادة الجماعيّة في قطاع غزّة لا تتوفّر الإمكانيّة لتوقّع الموت العينيّ للفرد، ولا يتوفّر الوقت اللازم للتعامل مع هذا الموت أو خبر الموت. ثالثًا، ثيمة شكل الموت في قطاع غزّة. تستثير هذه الثيمة قضايا كثيرة مثل أهمّيّة طقوس الدفن ووداع الجثمان من قبل أهله وأقربائه، وكذلك علاقة هذه الطقوس بالهويّة والتاريخ الجمعيّ. رابعًا، جرى تتبّع ثيمة الأسطرة في ما يتعلّق بالموت والإبادة. في تعامل الكتّاب مع موضوع استخدام الأساطير لمفهمة الموت كان هناك تيّاران متعاكسان، الأوّل الّذي يستخدم هذه الأساطير مقاربةً لهول الأحداث، في المقابل، التيّار الآخر يرفض هذه الأسطرة ويؤكّد على أنسنة الغزّيّين وحيواتهم البسيطة البعيدة عن الأسطورة والمثاليّات".  

أدار الجلسة الثانية من المؤتمر علي مواسي، الشاعر والمحرّر ومرشّح الدكتوراة في علوم الثقافة، الّذي شكر مع نهاية المؤتمر الحضور والمساهمات/ ين في المؤتمر، مشيرًا إلى أنّ الأوراق الّتي قُدِّمَت في المؤتمر سوف تصدر في كتاب من تحرير د. مهنّد مصطفى ود. همّت زعبي.

لقراءة البرنامج بصيغة PDF

المشاركات/ ون وملخّصات الأوراق اضغط هنا.

الاكثر قراءة