برنامج علم النفس التحرّريّ/

أحداث / الحرب في الغرفة العلاجيّة وخارجها اللقاء الرابع.
big-img-news
بواسطةMada Admin | 15 أغسطس 2024

الحرب في الغرفة العلاجيّة وخارجها اللقاء الرابع.

"الشخصيّ والسياسيّ داخل الغرفة العلاجيّة"

من ضمن سلسلة لقاءات حملت العنوان "الحرب في الغرفة العلاجيّة وخارجها"، عَقَدَ برنامجُ علم النفس التحرُّريّ في مركز مدى الكرمل اللقاءَ الرابع لمجموعة معالِجين ومعالِجات في المجال النفسيّ بعنوان "الشخصيّ والسياسيّ داخل الغرفة العلاجيّة".

قدّمت اللقاءَ السيّدة إيناس عودة-حاجّ، مركّزة برنامج علم النفس التحرُّريّ في مدى الكرمل، وتطرّقت إلى المساحة التي تتيحها هذه اللقاءات، إذ قالت: "مع بداية الحرب قبل تسعة أشهر، والحملة الممنهجة التي شنّتها الدولة بمؤسَّساتها وأذرعها الإعلاميّة والأكاديميّة والشُّرَطيّة لإسكات أصواتنا الفرديّة والجمعيّة، ولمنع أيّ حراك يمكن أن يشكّل نوعًا من التكافل والتعاضد المجتمعيّ الذي من شأنه أن يساعد الأفراد والجماعات على التعامل مع الأزمات وتخطّيها، نبعت الحاجة إلى لملمة بعضنا بعضًا وخلق حيّز آمِن  للتشارك والحِوار، علّنا نَخرُج ونُخرِج بعضنا من حالة الذهول الفكريّ التي أصابتنا". وإلى هذا أضافت عودة-حاجّ قائلة: "نطلّ كمعالِجين ومعالِجات في المجال النفسيّ من خلال هذه اللقاءات على واقعنا المجتمعيّ، ونحاول الربط بين الفرديّ والجمعيّ من خلال التمعُّن المشترَك في العلاقة بين النفسِ الفرديّة والسياقِ السياسيّ الاجتماعيّ".  كذلك شدّدت على أهمّيّة قراءة الواقع المعيش واختراقه الغرف العلاجيّة قراءةً أصلانيّة صحيحة، ابتغاءَ خلق وعي جديد للتحدّيات النفسيّة التي يعيشها الأفراد داخل المجتمع، وفي سبيل تعزيز شعورهم بالوكالة والاقتدار. وذكرت أهمّيّة مواكبة السيرورة التي يتصدّى بها المجتمع لسياسات التخويف والترهيب والإسكات، ومن ضمنها سيرورة اللقاءات وأهمّيّة تحليلها وتوثيقها والكتابة عنها، أي توثيق تجربتنا كمعالِجين وكجزء من المجتمع، والإسهام في كتابة سرديّتنا بلغتنا وبمصطلحاتنا.

ثمّ تحدّثت السيّدة غدير محاجنة، الباحثة في علم النفس التحرُّريّ، وشاركت الحاضرين تفاصيل حول بحث أَجْرَتْه خلال دراستها الأكاديميّة في رسالة الماجستير حول إدراكات المتعالجين وعلاقة الغرفة العلاجيّة بالسياق الخارجيّ. ناقشت محاجنة اشتباك الشخصيّ والسياسيّ في السياق الفلسطينيّ في ظلّ الاستيطان الاستعماريّ، وادّعت أنّه اشتباك لا بدّ منه، ولا يمكن تجاهله بعدم التعامل معه. وأضافت قائلة إنّ نمط الحياة التي يعيشها الأفراد داخل تقاطعات الاستعمار الاستيطانيّ والتوجُّه النيو_ليبراليّ أسهَمَ في نزع السياسيّ عن الشخصيّ بعد تأسيس مؤسَّسات لا تهتمّ بالسياسة، بل تضع جُلّ اهتمامها في ضخّ القروض وخلق مجتمع استهلاكيّ مرتبط بمظاهر النيو_ليبراليّة التي فرضها الواقع بعد اتّفاقيّة أوسلو. وقالت محاجنة، استنادًا إلى بحثها الذي أَجْرَتْه قبل بدء الحرب، إنّ الأشخاص الذين يتوجّهون لمعالجين نفسيّين قالوا إنّهم يتخبّطون في ما سيتحدّثون في الغرفة العلاجيّة: هل يتحدّثون عن تجاربهم الشخصيّة؟ عن علاقتهم مع عائلاتهم؟ عن قصصهم العاطفيّة؟ أَم يتحدّثون عن الواقع السياسيّ الذي يعيشون؟ "كيف ستكفي الغرفة للحديث عن الشخصيّ والسياسيّ؟ ثمّ باغتتنا الحرب وانتبه المعالِجون والمعالِجات لهذا الأمر أيضًا، وبدأوا ينضمّون إلى المتعالجين الذين سبقوهم بالتساؤل عن الأمر التالي: كيف اخترقت الحرب مساحاتنا الحميميّة -بما فيها غرفنا العلاجيّة- وما هي السُّبُل للتعامل مع هذا الاختراق؟"

وأضافت محاجنة مشيرةً أنّ المشكلة "ليست في اختراق السياسة للحيّز الخاصّ /المساحات العلاجيّة والغرف العلاجيّة، بل في خلق مؤسَّسات وغرف علاجيّة منزوعة السياسة، بسبب السياسات النيو_ليبراليّة التي نعيشها، وبسبب فكرة أنّنا نسعى إلى عدم "إدخال" السياسة في حياتنا؛ فقد بُنِيت مدارس غير مسيَّسة ومؤسَّسات مهتمّة بالصحّة النفسيّة غير مسيَّسة، ثمّ جاءت الحرب ورأينا أنّ هذا الفصل شبه مستحيل في فلسطين".

وأنهت محاجنة كلامها متطرّقةً إلى استنتاج البحث الذي يَخْلص إلى الحاجة التي أعرب عنها المشترِكون في أهمّيّة أخذ السياق السياسيّ الاجتماعيّ بعين الاعتبار كذلك داخل الغرف العلاجيّة، والاهتمام بالشخصيّ والسياسيّ دونما تهميش لأيّ منهما على حساب الآخر. وأشارت إلى أهمّيّة أن "يخرج" المعالِج من الغرفة العلاجيّة ليرى ويشارك المتعالج في ما يحصل في الخارج.

وقد شارك الحضور في النقاش والحِوار بشأن الشخصيّ والسياسيّ من جهة، واختراق الحرب للغرفة العلاجيّة من جهة أخرى.

 

 

الاكثر قراءة