عقد مركز مدى الكرمل يوم السبت 8 شباط 2025، بالتعاون مع مسرح خشبة، ندوة قراءة في كتاب المؤرخ د. جوني منصور "غزّةُ حَجَرُ الزّاويَة". استضافت الندوة كلًا من د. جوني منصور، والمسرحي بشار مرقص والباحث جاد قعدان. وذلك في مقر مسرح خشبة.
استهلَّ الندوة بشار مرقص بقراءة مختارة من الصفحات الختاميّة للكتاب، مُستخلِصًا منها الرسائل الجوهرية التي يحملها بين طياته.
أما جاد قعدان، فقد قدّم قراءةً تحليليّة متعمّقة للكتاب، تناولت بنيته ومضامينه الجوهريّة، وركّزت على ثلاث ظواهر استوقفته أثناء قراءته: أولًا، الشغف المتأجج لدى المثقف الفلسطيني بتوثيق الأحداث وصياغة سرديته الخاصّة؛ ثانيًا، الأسلوب الكتابي المتفرّد الذي يُزاوج بمهارةٍ بين المنهج التأريخي والبُعد الشخصي، وبين الحياديّة وإبداء المواقف، مما يجسّد حضورًا فاعلًا للمؤرخ داخل نصّه؛ وقد تجلت الثالثة في توجيه الخطاب نحو الذات الفلسطينيّة والوجدان العربي والمتضامنين مع القضيّة، وهو ما تجلّى بوضوح في ترفّع الكاتب عن الانجرار إلى سجالات عقيمة مع المستعمِرين مرتكبي جرائم الإبادة.
من جانبه، شدّد د. جوني منصور على ضرورة مقاربة القضيّة الفلسطينيّة من منظور الحاضر، متجاوزًا اختزالها كحدثٍ تاريخيّ انقضى. ومسلطًا الضوء على صمود غزّة في وجه الإبادة الجماعيّة التي تحظى بتواطؤ دوليّ صارخ، ومؤكدًا أن المشروع الاستعماري الصهيوني يشهد تحولاتٍ مستمرّة ويتكيّف مع المتغيّرات.
تناول د. منصور بتحليل نقديّ عميق ظاهرة انحسار الاهتمام الدوليّ بالقضية الفلسطينيّة رغم استمرار تصدُّرها لمشهد الأحداث العالميّة. كما فكّك مصطلحات مثل "التطهير العرقي" و"حق الدفاع عن النفس"، التي تحوّلت إلى ذرائع لتبرير العدوان وشنِّ الحروب، إضافةً إلى عبارات مثل "مناطق آمنة" و"قطع الإمدادات" و"حيوانات بشريّة"، معتبرًا إياها تجليات لخطاب استعماري جديدٍ يكرِّس التمييز وينزع الإنسانية عن الشعوب غير البيضاء ويُجرِّدها من حقها بالحياة والكرامة.
اختتم د. منصور مداخلته بالتأكيد على أن الكتابة الحقيقيّة عن غزة ينبغي أن تنبثق من أقلام بناتها وأبنائها الصامدين، فهم الأقدر على نقل معاناتهم وتجاربهم.