كما ذكر في الورقة المرجعيّة، يأتي هذا المنتدى في مرحلة حاسمة من تاريخ فلسطينيّي الداخل، إذ يسعى إلى الدراسة والتفاكر في آليات تطوير الخطاب والعمل السياسيّ في ظل تحوّلات جذرية تعصف بالمجتمع. بدأ التفكير في تأسيس هذا المنتدى في صيف العام 2022 بعد أن شخّص مدى الكرمل خلال دراسات عميقة أجراها أن قراءة اللحظة الراهنة تكون قاصرة ما لم يتم التعمّق في تحولات بنيوية سياسية- اجتماعية- اقتصادية جرت في الداخل الفلسطينيّ خلال العقدين الأخيرين. مع بدء حرب الإبادة زادت الحاجة إلحاحًا، فقد كشفت الأحداث الأخيرة، لا سيّما حرب الإبادة على غزة، عن إشكاليات عميقة في المنظومة السياسية الفلسطينية داخل الخط الأخضر، حيث برزت حالة من الجمود والانكفاء السياسيّ والمجتمعيّ خلال الأشهر الأولى من العدوان. يستوجب هذا الواقع مراجعة شاملة لمفهوم العمل السياسيّ الجماعيّ وآليّاته، مع التركيز على تداعيات هذه التحوّلات على المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ بأكمله.
يسعى المنتدى إلى تأسيس مجموعة فكرية استراتيجية تُعنى بتحليل التغيّرات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية التي طرأت على واقع فلسطينيّي الداخل خلال العقدين الماضيين. ويهدف إلى إعادة التفكير في واقعهم بشكل جماعي، ونقدي، واستراتيجي، مع التشديد على أهمية الفعل السياسي في مواجهة تصاعد القمع الإسرائيلي. كما يطمح إلى توفير مساحة حوارية لإعادة النظر في العقد الاجتماعيّ الفلسطينيّ وتطوير تصوّر جديد لموقع فلسطينيّي الداخل داخل المنظومة السياسية الإسرائيلية وعلاقتهم بالمشروع الوطني الفلسطيني. ومن المتوقع أن تتوّج هذه الجهود البحثية والفكرية الجماعية بإصدار بيان سياسيّ، مستند على تحليلٍ للتحوّلات الراهنة ويحدد استراتيجيات عملية ومحاذير للمرحلة المقبلة. فضلًا عن العمل على إصدار دليل حول الداخل الفلسطيني يشكّل مرجعيّة لهذه المرحلة؛ حيث تشكّل المناقشات الداخلية للمجموعة إثراءً لهذا الإصدار. قصارى القول، تأتي هذه المبادرة في سياق السعي لفهم هذه التحوّلات، إلا أن الواقع يستدعي تدخلاً أعمق من مجرد قراءة، خصوصًا بعد 7 أكتوبر 2023، الذي مثّل لحظة تحول فرضت وقائع سياسية جديدة.
عُرضت خلال اللقاء الورقة المرجعية للمشروع التي تناولت التحولات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية في الداخل الفلسطيني، مركزةً على العلاقة مع الدولة الإسرائيلية وتأثير التجزئة على الهوية الفلسطينية. كما نوقِشَت تغيّرات مفهوم الصهيونية وتوجهاتها، إلى جانب سياسات الضبط والاحتواء الإسرائيلي، التي تجلّت في القمع السياسي، وضرب الهوامش المجتمعية، واستخدام الجريمة المنظمة لتفكيك النسيج الاجتماعي.
على الصعيد الدولي، أشارت الورقة إلى أن القضية الفلسطينية استعادت زخمها عبر الحركات الاجتماعية والتضامن العالمي، رغم غياب قيادة فلسطينية موحدة قادرة على استثمار هذا الزخم. كما طَرحت تساؤلاتٍ حول مستقبل النقاش السياسي في الداخل الفلسطيني، مقترحةً خمسة محاور رئيسية للنقاش: التحولات السياسية، التحولات الاجتماعية والاقتصادية، العلاقة مع الدولة، المجتمع المدني الفلسطيني، التغيرات الإقليمية والدولية. وقد أكدت الورقة على أهمية تحليل الماضي لفهم الحاضر، بدلًا من التركيز على استشراف المستقبل بمعزل عن جذور الأوضاع الراهنة.
تطرقت النقاشات خلال اللقاء إلى عدة محاور أساسية متعلقة بالواقع السياسي والاجتماعي الفلسطيني، حيث تم التأكيد على ضرورة بناء استراتيجيات بديلة وواقعية في ظل حالة الانسداد السياسي وغيب العمل الجماعي، خاصةً بعد 7 أكتوبر 2023 وما تبعه من تداعيات. كما تناولت النقاشات ضعف الدور السياسي والتنظيمي، ودور التربية والتعليم كأداة استراتيجية، إضافةً إلى أهمية دور الجيل الشاب في إعادة هيكلة العمل السياسي. وتم التطرق أيضًا إلى أثر الصمت والخوف من العقاب كعوامل تسهم في تفكيك المجتمع، وكذلك إلى علاقة الداخل الفلسطيني بالحركة الفلسطينية الأوسع، فضلاً عن القضايا الاجتماعية الملحّة وتأثيرها على الواقع السياسي.
لقراءة الورقة المرجعيّة للمنتدى اضغط هنا