big-img-news
بواسطةMada Admin | 29 يوليو 2025

انطلاق ورشة "الأجندات البحثيّة" في مدى الكرمل | 5 تموز 2025 |

عقد مدى الكرمل- المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية اللقاء الافتتاحي لورشة "الأجندات البحثيّة" يوم السبت 5 تموز 2025، بمشاركة مجموعة من الباحثين والباحثات الفلسطينيّين من مختلف التخصصات الأكاديمية.

تُعدّ ورشة "الأجندات البحثيّة" استجابة نقديّة للسياق المعرفي والسياسي الذي فرضته حرب الإبادة على قطاع غزّة، وتسعى إلى بلورة مقاربات بحثيّة جديدة لفهم التحوّلات الجذريّة التي أفرزها هذا الحدث. تطرح الورشة أسئلة نظريّة حول واقع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر وموقعهم السياسي، وتُراجِع الأدبيّات القائمة حول المشروع الصهيوني والعلاقة مع الدولة اليهودية.

افتُتح اللقاء بكلمة ترحيبية للدكتورة عرين هواري، المديرة العامة لمدى الكرمل، أكدت فيها على الأهمية الاستثنائية لهذا اللقاء كمساحة للتفكير النقدي حول الإنتاج المعرفي في ضوء التحولات الراهنة التي تشهدها المنطقة. وأشارت إلى أن الورشة تمثل محاولة جادة لإعادة النظر في الأطر النظرية والمفاهيمية السائدة في تحليل المشروع الصهيوني، وعلى رأسها مفهوم "الاستعمار الاستيطاني". ولفتت إلى أنّه رغم اعتماد هذا الإطار في إنتاجات سابقة للمركز، إلا أنّ التحوّلات البنيوية التي يشهدها هذا المشروع تستدعي تجديد النقاش حول مدى كفاية هذه الأداة التحليلية في السياق الفلسطيني الراهن. وبهذا المعنى، تطرح الورشة تساؤلًا جوهريًا حول أزمة الأدوات المعرفية المتاحة وضرورة البحث عن مقاربات نظرية قادرة على استيعاب تعقيدات المرحلة الراهنة.

انطلاقًا من هذه المقدمة تناول الدكتور مهند مصطفى، المدير الأكاديمي للورشة وبرنامج دعم طلبة الدراسات العليا في مدى الكرمل، الإشكالية الأنطولوجية في فهم أحداث 7 أكتوبر فلسطينيًا، وتحديدًا النقاش المثار حول طبيعة الحدث ومعناه التاريخي والذي تولّد عنه ثلاثة تيّارات أساسيّة. يعتبر التيّار الأول 7 أكتوبر "خطأً في الطريق" و"انحرافًا شديدًا عن النضال الفلسطيني"، أدى إلى نتائج كارثية على القضية الفلسطينية وأعطى إسرائيل فرصة لتنفيذ مشروعها التصفوي. في المقابل، يرى التيار الثاني في 7 أكتوبر "ذروة النضال الفلسطيني" وبداية تحولات تؤدي إلى تفكيك المشروع الاستعماري الإسرائيلي وإعادة القضية الفلسطينية إلى المشهد الدولي. أما التيار الثالث، فيحاول فصل الحدث عن رد الفعل الإسرائيلي، معتبرًا أن التحولات الدولية نتجت عن حرب الإبادة الإسرائيلية وليس عن الحدث نفسه. هذا التباين في التأطير الأنطولوجي يكشف عن أزمة معرفية أعمق تتعلق بقدرة الأطر النظرية السائدة على استيعاب تعقيدات اللحظة الراهنة.

استكمالًا لهذا التحليل، أضاف مصطفى أنه على الصعيد الإسرائيلي تم تصوير 7 أكتوبر كأول تهديد وجودي حقيقي لإسرائيل منذ عام 1948، وأنه كان أكبر من التهديد الوجودي لحرب أكتوبر 1973. هذا التصور الإسرائيلي يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة التحدي الذي واجهته إسرائيل، والذي لم يكن مجرد تحدٍ عسكري أو أمني بل كان تحديًا وجوديًا حقيقيًا.

قدّم مصطفى مقاربة مهمة حول تطور الاستجابة الإسرائيلية عبر التاريخ، مشيرًا إلى أنه في عام 1948 استخدمت إسرائيل "التهجير وليس الإبادة" لبناء وجودها، بينما في عام 2023 استخدمت "الإبادة قبل التهجير" للحفاظ على وجودها. وأوضح أن "رد الفعل الإسرائيلي على طوفان الأقصى هو رد فعل لم تفهمه الأدبيات الفلسطينية"، مؤكدًا أن التوقعات الفلسطينية كانت تستند إلى تجربة النكبة وليس إلى إمكانية حدوث إبادة جماعية، الأمر الذي يطرح تساؤلات جوهرية حول طبيعة المشروع الصهيوني في مرحلته الراهنة ومدى انطباق المفاهيم التقليدية عليه.

في سياق النقاش الذي تلا هذه المداخلات، طرح المشاركون أسئلة حول "ما الذي كشفته حرب الإبادة فينا" و"كيف يمكن للفلسطينيين إنتاج أسئلة جديدة في ضوء هذا الاهتزاز الوجودي والمعرفي". هذه التساؤلات تتجاوز مجرد التحليل السياسي إلى مساءلة البنى المعرفية والمنهجية التي شكّلت الوعي الفلسطيني والعربي على مدى عقود. كما أثير نقاش مهم حول "عدم التوقع" للحدث ورد الفعل الإسرائيلي باعتباره مؤشرًا على عجز في الأطر النظرية المستخدمة. وتناول المشاركون مسألة كيف تعاملت إسرائيل مع 7 أكتوبر كـ "تهديد وجودي"، وكيف انعكس ذلك على طبيعة الاستجابة، مع التأكيد على أن هذا التهديد كان مختلفًا نوعيًا عن التهديدات السابقة. وفي السياق نفسه، ناقش المشاركون أيضًا موضوع استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" في سياق الأحداث الراهنة مقارنة بأحداث النكبة، مما أثار جدلًا معرفيًا حول التأطير المفاهيمي للأحداث المختلفة.

ختامًا، تم التأكيد على أن الورشة ستعقد عدة لقاءات لقراءة ومناقشة الأدبيات الجديدة، مع التركيز على الأعمال الأكاديمية والنظرية التي أصدرها بعد 7 أكتوبر، باحثون إسرائيليون أو فلسطينيون أو عرب. كما شدّد مصطفى على أن هدف هذه النقاشات ليس مجرد إنتاج نظرية جديدة، بل "بداية نقاش ومحاولة نقد للأدبيات النظرية فيما يتعلق بالإنتاج المعرفي قبل وبعد حرب الإبادة".

الاكثر قراءة