استضاف برنامج الدراسات النسوية في مدى الكرمل، المركز العربي للدارسات الاجتماعية التطبيقية، مساء أمس (الأربعاء) فيلم "حكاوي حرب على غزة" ودكتور هديل قزاز، مديرة مركز الأبحاث الفلسطيني-الأميركي في رام الله، في أمسية بعنوان "أصوات نسوية من غزة". وقد عقدت الأمسية في مسرح الميدان وحضرها العديد من الناشطات النسويات والناشطين الاجتماعيين والسياسيين.
افتتحت الأمسية د. نادرة شلهوب-كيفوركيان، مديرة برنامج الدراسات النسوية، وقالت إن الهدف من جلب أصوات نسائية من غزة إلى حيفا، مع كل ما يتضمن ذلك من معاناة، ليس لمشاهدة وفحص كمية الخسائر وحجم المأساة، بل هو محاولة لفحص كيف يمكن أن تتحدث حيفا عن غزة، كيف يمكن أن ترى حيفا غزة، أو ربما لا تراها. "الهدف هو فتح قصة غزة لأهل حيفا، ومشاهدة هذه الأفلام من أجل الاستمرار في التفكير في دورنا وموقعنا. في الطريق من القدس إلى حيفا نشاهد الكذبة (كذبة المواطنة)، فغزة هي حيفا وحيفا هي غزة. الهدف هو الاستماع لما وراء تلك الأصوات التي تعرضها الأفلام".
بعد كلمة الافتتاح القصيرة تم عرض فيلم "حكاوي حرب على غزة"، والذي تضمن أربع قصص قصيرة مصوّرة، مدة القصة الواحدة خمس دقائق. توثق هذه القصص للقاءات مع عدد من النساء اللواتي ذقن ويلات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. حيث شاهدنا نساء غزة يسردن قصصهن وقصص عائلاتهن وقصص أطفالهن خلال الحرب الوحشية، وخاصة نساء من أكثر المناطق تضرراً كمنطقة العطاطرة، عزبة عبد ربه، حي الزيتون وتل الهوا. يُذكر أن الفيلم من تصوير وإنتاج مركز شؤون المرأة في قطاع غزة، ويعرض لأول مرة في الداخل.
ثم قدمت د. قزاز مداخلة قصيرة بعنوان "نساء في مواجهة النار، الحصار، الإفقار والفلتان الأمني". عرضت د. قزاز في مداخلتها لقصة امرأة عمرها 27 سنة وضعت طفلا خلال الحرب على غزة بعد انتظار ومعاناة استمرا ثلاث سنوات. وحاولت د. قزاز من خلال ذلك تسليط الضوء على قضية العنف ضد النساء في قطاع غزة بكل إشكاله، وتفكيك تأثير الاحتلال على معاناة المرأة الفلسطينية وتكريس دونيتها. استعرضت د. قزاز من خلال مداخلتها تسلسل الأحداث المأساوية التي مرت بها تلك السيدة، بدءاً بالضغوط الاجتماعية والأسرية بسبب عدم الإنجاب، مرورا بوضع الجنين تحت القصف الوحشي وما رافق ذلك من رعب، وانتهاء بحالة الكآبة بعد الولادة وحتى الهذيان بسبب انعدام الدعم والعلاج الطبي والنفسي، ومن ثم حالة اليأس وفقدان الأمل. فقد واجهت تلك السيدة ست محاولات انتحار، محاولتين لقتل طفلتها وممارسة العنف ضد الزوج. فبسبب حالتها النفسية وانعدام أي نوع من الدعم والعلاج النفسي، قامت بتحميل الطفلة والزوج مسؤولية ما حصل ويحصل لها.
"يعيش في قطاع غزة مليون ونصف المليون إنسان داخل جيتو وسجن كبير، ممنوعين من الخروج. وهنالك حالة عامة من الشعور الكامل بالعجز وعدم القدرة على التغيير. نحن نتحدث عن مجتمع كامل سلبوه الأمل، شعب كامل يعيش داخل جيتو في ظل الحصار والدمار والإفقار والتجويع والقتل. قصة هذه السيدة مع الاحتلال ومع المجتمع هي فقط نموذج لآلاف الحالات لتي لا نسمع عنها ولا نعلم بها"، قالت د. قزاز.
بعدها قدمت د. شلهوب-كيفوركيان محاضرة قصيرة بعنوان "الازدواجية اللا-أخلاقية والمرأة الفلسطينية في غزة"، وقالت إن مسؤوليتنا هي فهم الوضع وتحليله على حقيقته، ليس من أجل أشاعت اليأس وفقدان الأمل، بل من أجل فتح النقاش حول دورنا وما يمكن فعله، وفحص كيف يتعامل الفرد الفلسطيني في حيفا مع هذه الأحداث. ثم استعرضت ردود الفعل العالمية خلال الحرب على غزة وما تتضمنه من ازدواجية لا أخلاقية في التعامل مع الفلسطينيين.
في نهاية المداخلات دار نقاش بمشاركة الجمهور قُدمت خلاله العديد من المداخلات، التي تمحورت في معظمها حول دورنا، وحول ازدواجية حياتنا في الداخل وازدواجية معاييرنا. كما دار نقاش حول سؤال "ما هو دورنا". فسأل البعض "هل المقصود ما ذا نعمل تجاه غزة ومن أجل غزة، أم ما ذا نتعلم من درس غزة؟". تبعه نقاش حول حالة التشرذم الفلسطيني هنا وهناك، وحول العنف هنا وهناك.