big-img-news
بواسطةMada Admin | 12 أبريل 2023

سمينار طلبة الدراسات العليا- المجموعة الثامنة (2022- 2023)- اللقاء الثالث.

عقدَ مركز مدى الكرمل في الثامن عشر من آذار اللقاء الثالث من سمينار طلبة الدراسات العليا في حيفا، حاملًا العنوان "المنهجيّات في الرسائل الجامعيّة". استضاف اللقاء الدكتور عميد صعابنة، الـمُحاضر في قسم علم الاجتماع في جامعة حيفا، والذي شارك الطلبة في وقت سابق للّقاء بمقال "White logic white methods: Racism and methodology" لعَالِمَي الاجتماع الأمريكيَّيْن توكوفو زوبيري وإدواردو بونيلا-سيلـﭬـا.

في القسم الأوّل من اللقاء، استهلّ د. صعابنة محاضَرته باستعراض أهمّيّة المنهجيّات في الكتابة الأكاديميّة، موضّحًا أنّ ما يميّز العلوم الاجتماعيّة عن أنواع أخرى من الكتابة هو المنهج العلميّ، وأنّه غالبًا ما تُوجَّه الملاحظات الأكثر نقدًا وحِدّةً خلال عمليّة تحكيم الأوراق للمجلّات العلميّة إلى المنهجيّات، إلى حدٍّ قد يصل بالـمُراجِع أو الـمُراجِعة حدّ طلب تغيير المنهجيّة تغييرًا كلّيًّا. في أعقاب هذا التوضيح، باشر صعابنة بقوله إنّ المنهج ليس بقضيّة إجرائيّة فحسب، وإنّما هو ما يعرّف عن البحث ويشكّل هُويّته؛ وذلك أنّ المنهج يتباحث بسؤال البحث الذي يفرض بدوره المنهج تقريبًا.

وانتقل صعابنة إلى الحديث عن تطوُّر المنهجيّات العلميّة، مبيِّنًا أنّها لا تختلف عن النظريّات من حيث نشأتها وتطوّرها في سياقات اجتماعيّة وتاريخيّة معيّنة، وأنّه في بداياتها تطوّرت بعض المنهجيّات في سياق الاستعمار الأوروبيّ بغية ضبط وإحصاء جماعات السكّان الأصلانيّين، فيما تحوّلت اليوم إلى أدوات تحكُّم لدى الدول القوميّة. في ما يخصّ المناهج الكمّيّة، نشأت هذه من النظريّة الوضعيّة (Positivism)، التي ترى أنّ ثمّة عالَـمًا خارجيًّا بحتًا، وأنّه ما على الإنسان إلى أن يبحثه ويحلّله. أمّا معاملات الارتباط، فقد نشأت عن النظريّة اليوجينيّة (هندسة الوراثة والنسل الاجتماعيَّيْن). تبنّى علماء الاجتماع هاتَيْن النظريّتَيْن والرؤيتَيْن وطبّقوهما على المجتمع، إلّا أنّ استخدام جماعات عنصريّة متطرّفة لهذه المنهجيّات أدّى إلى أن تأخذ الأخيرةُ منحًى عنصريًّا جدًّا، كالادّعاء أنّ الصفات الاجتماعيّة تنتقل بالوراثة، أو أن تُعْزى المكانة المتدنيّة لدى بعض الأعراق إلى عقليّة أو تركيبة الأفراد، عوضًا عن يُعْزى ذلك الظروف الاجتماعيّة التي أفْضَتْ بهم إلى هذا المآل (نحو: الفقر؛ التمييز؛ العنصريّة -وغيرها).  كانت دراسة دو بويز "The pheladelphianegro" أوّل دراسة تستخدم هذه المنهجيّات للكشف عن أنّ استخداماتها بالطريقة الأوّليّة قد أسهمت في ترسيخ العنصريّة التي لحقت بالسود في الأبحاث العِرقيّة.

طَرَقَ صعابنة تاليًا موضوع التوتُّر النظريّ القائم بين البحث الكمّيّ والبحث النوعيّ، مبيّنًا أنّ تفضيل الطلبة لمنهجٍ ما على حساب آخر لا يَنتج بالضرورة عن اقتناع نظريّ بهذا المنهج، وإنّما عن تدريب الطلبة على أحد هذه المناهج، وتوجيه الـمُشْرف لهم لاستخدامها، وبالتالي الاعتياد عليها. اختتم صعابنة نقاشه بأنّه على الرغم من وجود هذا التوتّر، ذاك لا يلغي إمكانيّة الدمج بين المناهج المختلفة ابتغاء خدمة أغراض وأهداف البحث، وفهم الظاهرة فهمًا أعمق.

في الجزء الأخير من محاضَرته، شارك صعابنة الطلبة بأنّ المنهجيّات نفسها غير آثمة بالطريقة التي استُخدمت فيها على يد بعض الجماعات، ولذا لا مانع من استخدام هذه المنهجيّات وتوظيفها لأغراض وأهداف أخرى؛ مضيفًا أنّه قد تَكون هنالك حاجة إلى تبنّي منهجيّات بديلة ومقاوِمة لتلك التي يعتمدها المستعمِر. من الأمثلة على ذلك التي طرحها صعابنة المسحُ الاجتماعيُّ الاقتصاديُّ لدى جمعيّة الجليل ومدى الكرمل، ذاك الذي رأى أنّ دائرة الإحصاءات المركزيّة تَعْمَد إلى اختيارِ عيّنة تخدم أَجِنْداتها، والاكتفاءِ بجمع معلومات أساسيّة فقط (نحو: مكان العمل؛ الدخل؛ السنّ...)، مهمِّشةً بذلك جوانب هامّة من حياة الفلسطينيّين في الداخل المحتلّ، نحو: أعداد المهجَّرين؛ أعداد أولئك المهجَّرين داخليًّا؛ البلد الأصل؛ أفراد العائلة المهجَّرين ... في مثال آخر، أشار صعابنة أنّ مدى الكرمل تبنّى منهج التاريخ الشفويّ؛ وذلك أنّ المؤسّسة الإسرائيليّة سيطرت على جميع الأرشيفات وحالتْ دون الوصول إليها.

في القسم الثاني من اللقاء، ناقش الطلبة ثلاثة نماذج لفصول المنهجيّات في رسائل ثلاث طالبات، وعقّبَ عليها د. صعابنة: النموذج الأوّل هو لطالبة الدكتوراة في قسم القيادة والسياسة التربويّة بجامعة حيفا، هناء خليفة يونس. تكتب يونس رسالتها بإشراف الـﭘـروفيسور أيمن اغباريّة، وهي بعنوان: "خلق هُويّة كوزموﭘـوليتانيّة عند الفلسطينيّين في إسرائيل في ثلاثة ميادين تربويّة: المدارس؛ حركات الشباب؛ التعليم العالي". النموذج الثاني هو لطالبة الدكتوراة في قسم العلاج بالفنّ، نهال مدحت نجمي. تكتب نجمي رسالتها بإشراف الـﭘـروفيسورة راحيل ليـﭫ ويزل وَ د. ليمور ﭼـولدنر، وعنوانها: "مسارات التعافي لدى النساء الفلسطينيّات اللواتي يختبرنَ العنف من شريكهنّ الحميم: عوامل الحماية الشخصيّة وتطبيع العنف وعلاقتهما في سلوك طلب المساعدة، التعافي والازدهار". النموذج الثالث والأخير هو لطالب الدكتوراة في قسم الأنثروﭘـولوجيا بجامعة حيفا، شهاب إدريس. يكتب إدريس رسالته بإشراف الـﭘـروفيسورة عماليا ساعر؛ وعنوانها: "الوالديّة والنيوليبراليّة لدى المجتمع الفلسطينيّ في إسرائيل".

الاكثر قراءة