big-img-news
بواسطةMada Admin | 10 يونيو 2024

ندوة في الناصرة... ثمانية شهور من الحرب على قطاع غزّة

عقد «مدى الكرمل- المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة»، بالتعاون مع «مقهى ليوان الثقافيّ»، ندوة في الناصرة تحت عنوان «الحرب على غزّة في شهرها الثامن- أزمة إسرائيل وسياساتها الداخليّة والخارجيّة»، يوم 05 حزيران 2024، شارك فيها كلّ من الكاتب والناقد أنطوان شلحت، والمحامية والمستشارة القانونيّة عبير بكر، والباحث في «مدى الكرمل» د. امطانس شحادة، وقد أدارتها مديرة «مدى الكرمل» د. عرين هوّاري.

 

أسوأ ما في الشرّ، التطبيع معه

افتتحت الندوة مديرة «مدى الكرمل»، د. عرين هوّاري، مشيرة إلى سلسلة أحداث نظّمها «مدى الكرمل»، بشكل خاصّ أو بالتعاون مع جهات أخرى، تتناول حرب الإبادة الإسرائيليّة على قطاع غزّة، أبرزها «مؤتمر الحرب على قطاع غزّة: مقاربات، سياسيّة، اجتماعيّة، ثقافيّة» الّذي تناول الحرب عمومًا بالتركيز على القطاع، وندوة «حرب القبيلة على قطاع غزّة» الّتي ركّزت على فلسطينيّي أراضي 48 في سياق الحرب، وغيرها. أمّا هذه الندوة فتأتي لتقف بالأساس على الأزمات الإسرائيليّة في سياق الحرب، الداخليّة والخارجيّة.

أشارت هوّاري إلى أنّ التعداد الدائم لآثار الحرب التدميريّة وضحاياها، قد يتحوّل إلى مبتذل في نظر البعض، لكن في الوقت نفسه ثمّة ضرورة للتذكير بها وإبرازها على نحو دائم؛ إذ إنّ أسوأ ما في الشرّ التطبيع معه.

وقالت هوّاري إنّ إسرائيل تعيش اليوم، مع مرور ثمانية أشهر على الحرب، أزمات داخليّة وخارجيّة متصاعدة، سياسيّة وأمنيّة واقتصاديّة وعسكريّة وإستراتيجيّة، وانهيار أخلاقيّ يعلمه الفلسطينيّون والمتضامنون معهم، لكنّ العالَم كلّه يراه اليوم على نحو واسع. مشيرة إلى أنّ فلسطين اليوم تعود إلى أن تكون مركزًا للعالَم على المستويين الشعبيّ والرسميّ، حيث نشهد مظاهرات وأشكال تضامنيّة مختلفة حول العالَم، ودعوات ومبادرات رسميّة إلى المقاطعة، ومحاكمة لإسرائيل أمام أهمّ مؤسّسة قانونيّة دوليّة، لكنّ التضامن الأهمّ يجب أن يكون تضامن الفلسطينيّين مع أنفسهم.

اختلاف هذه الحرب عن سابقاتها

في مداخلة عنوانها «ماذا تختلف الحرب الأخيرة على غزّة عن سائر حروب إسرائيل؟»، أشار الكاتب والناقد أنطوان شلحت إلى أنّ الطريق ما زال طويلًا أمام استبطان الإسرائيليّين لفكرة أنّ ’الجار الفلسطيني‘ ليس دونيًّا، بل هو فاعل حيويّ في الفضاء الإنسانيّ، وفي حيّز العقل والتفكير، وأنّ ما يحول دون هذا الاستبطان من جملة أشياء أخرى هو الإيمان الأعمى بـ’فرادة‘ العقل اليهوديّ، لا في ما يتعلّق بعمليّات البناء الداخليّ للكيان، وتسويق صورته في الخارج، إنّما أيضًا في ما يرتبط بالاستخفاف بعقل هذا الجار، ومعرفة ما يمكن أن يفكّر فيه ويخطّط له.

وحول أزمة الجيش الإسرائيليّ في سياق الحرب، ذهب شلحت إلى أنّه ثمّة موضوع لا يُتَكَلَّم فيه كثيرًا، ويشكّل مصدر قلق كبير لقيادة الجيش الإسرائيليّ، وهو التآكل الجسديّ والنفسانيّ الآخذ بالتفشّي بين صفوف الجنود الإسرائيليّين إلى جانب النقص الكبير في الضبّاط والقادة. وهو ما أشار إليه على وجه التحديد المحلّل العسكريّ عمير ربابورت من صحيفة «مَكور ريشون»، الّذي شدّد (23/5/2024) على أنّ سبب هذا التآكل يعود إلى استمرار الحرب كلّ هذه المدّة الطويلة. فلقد بُنِيَ الجيش الإسرائيليّ على مدار عشرات الأعوام وفقًا لمفهوم عامّ يشدّد على وجوب أن تكون أيّ حرب يخوضها قصيرة قدر الإمكان، وأن تدور رحاها بالأساس في ’أرض العدوّ‘. غير أنّه من الناحية العمليّاتيّة، فإنّ الحرب على قطاع غزّة تدور في الأراضي الإسرائيليّة كذلك، ولا تبدو أيّ نهاية لها في الأفق على الرغم من مرور نحو ثمانية أشهر على اندلاعها.

وأوضح شلحت أنّه في ضوء الأزمات الّتي يواجهها الجيش الإسرائيليّ، لوحظ في الفترة الماضية أنّ هناك ارتفاعًا في الأصوات الّتي تضغط على المؤسّسة الأمنيّة من أجل أن تقوم بدور مُعوّل عليها في كلّ ما يتعلّق بوقف الحرب. وهذه الأصوات آخذة بالارتفاع مع تعزّز القناعة إسرائيليًّا بأنّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو معنيّ بإطالة أمد الحرب لأسبابه الخاصّة.

 

أثر مقاضاة إسرائيل دوليًّا في توجّهات «محكمة العدل الدوليّة»

وفي مداخلة عنوانها «أثر مقاضاة إسرائيل دوليًّا في توجّهات ’المحكمة العليا الإسرائيليّة‘»، تناولت المحامية والمستشارة القانونيّة عبير بكر التطوّرات على الساحة القضائيّة الدوليّة في ما يتعلّق بدعوى جنوب أفريقيا ضدّ إسرائيل في «المحكمة الدوليّة»، وأوامر الاعتقال ضدّ بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت، وأثر ذلك في قرارات الحقوقيّين بالتقاضي أمام المحاكم الإسرائيليّة، حيث ترى بكر أنّه لا يمكن التعامل مع مقاضاة إسرائيل دوليًّا، واحتماليّة المصادقة على أوامر الاعتقال، كأنّه شأن منفصل قضائيًّا، ولا علاقة له بالعمل الحقوقيّ أمام المحاكم الإسرائيليّة.

وقد خلصت بكر إلى أنّه في اللحظة الّتي يتحقّق فيها إنجاز قضائيّ مهمّ بمسائلة إسرائيل دوليًّا، وصدور مذكّرات اعتقال، وجب علينا كحقوقيّين أن نسعى إلى تحقيق الحماية للمدنيّين والمعتقلين بوسائل ضغط أخرى خارجيّة، وليس عبر أجهزة الدولة القضائيّة؛ فنحن نعي جيّدًا أنّ كلّ تحقيق وكلّ فتات سنحصل عليه لن يؤدّي إلى تغيير جذريّ لمنظومة التحقيق المنحازة في إسرائيل، المتمثّلة بعدم الرغبة بالتحقيق أصلًا، أو مساءلة المجرمين، جنودًا كانوا أم قادة وسياسيّين. إنّ كلّ مسرحيّة فتح التحقيقات وادّعاء استقلاليّة القضاء يجب ألّا نكون شريكين فيها، لا من قريب أو من بعيد، لأنّنا نكون بذلك قد ساعدنا إسرائيل في الإفلات من المساءلة الّتي يئسنا من محاولة استنفاذها داخليًّا، ولم ننجح بتدويلها.

وأضافت بكر أنّ العمل الحقوقيّ غير الحذر قد يؤدّي في نهاية المطاف إلى مساعدة إسرائيل في المماطلة وكسب الوقت وإعاقة استئناف التداول في المحاكم الدوليّة، الّتي بقيت الملاذ الوحيد لدينا لمساءلة دولة عن جرائم قامت بها وما زالت. في الماضي كنّا نقول إنّنا نفعل ذلك أملًا في أن نستطيع إقناع النظام القضائيّ الدوليّ بانحياز الجهاز القضائيّ وأجهزة سيادة القانون، وبعدم نشاطهم ورغبتهم بالمسائلة. أمّا اليوم، فالوضع مختلف، ويجب علينا أن نغيّر إستراتيجيّاتنا مع وجود إجراءت عالقة دوليًّا، والّتي قد يعيقها ’نشاطنا الحقوقيّ‘ الزائد، دون المسّ بأي مؤسّسة تقدّمت بالتماسات من نوايا حسنة وصادقة.

تعامل إسرائيل مع المشهد العالميّ

وفي مداخلة عنوانها «تعامل إسرائيل مع المشهد العالميّ- الاحتجاج الطلّابيّ ومحكمة العدل الدوليّة»، ذهب الباحث في «مدى الكرمل»، د. امطانس شحادة، إلى أنّ إسرائيل، وبعد مرور ثمانية أشهر من الحرب على قطاع غزّة، تجد نفسها في أزمة إستراتيجيّة، إذ لم تحقِّق أيًّا من أهداف الحرب المعلَنة، ولم تحرِّر الأسرى والمخطوفين، ولم تحسم الحرب، ولم تتمكّن من فرض شروطها لوقف إطلاق النار، على الرغم من قتل ما يقارب أربعين ألف (40,000) فلسطينيّ في قِطاع غزّة، وتدمير قرابة 70% من المباني السكنيّة والـمَرافق العامّة والبنى التحتيّة هناك.

وأضح شحادة أنّه إلى جانب المأزق العسكريّ والسياسيّ الإستراتيجيّ، نرى أنّ إسقاطات الحرب أصبحت أوسع، حيث تخسر إسرائيل التضامن والدعم العالميَّيْن، ولا سيّما التضامن الشعبيّ الّذي استفادت منه في السابق. وباتت إسرائيل دولة منبوذة في الجانب الأكاديميّ والفنّيّ والثقافيّ والسينمائيّ، والاقتصاديّ إلى حدٍّ ما. زِدْ على ذلك اتّهامَ إسرائيل في المحكمة الدوليّة بارتكاب جرائم حرب وإبادة، واحتمالَ إصدار مذكّرات اعتقال ضدّ قيادات سياسيّة وعسكريّة إسرائيليّة من المحكمة الجنائية الدوليّة (وهو ما يؤرّق أيضًا المؤسَّسة الإسرائيليّة)، وبدايةَ حدوث مقاطعات تجاريّة واقتصاديّة من بعض الدول (من بينها -على سبيل المثال لا الحصر- تركيّا).

وأكّد شحادة أنّ إسرائيل استخدمت هذه الأدوات كافّة للترويج لدولة إسرائيل وتسويقها لتحسين صورتها دوليًّا، ولكسب تعاطف وتضامن المجتمعات الغربيّة. بل إنّها كانت تُعَدّ موردًا من موارد القوّة الإسرائيليّة، وأداة من أدوات الدبلوماسيّة الإسرائيليّة غير الرسميّة. إسرائيل ما زالت تتصرّف في الساحة الدوليّة بذات العقليّة الاستعلائيّة والعنجهيّة، وتقلّل من أهمّيّة المؤسّسات الدوليّة، وتهاجم القرارات والمواقف بشدّة، وتتّهمهم بدعم حركة ’حماس‘ ومعاداة إسرائيل، بل وتذهب لاتّهامهم في معاداة الساميّة كمهرب أخير.

لمشاهدة فيديو الندوة، انقر على الصورة  أدناه

 

 

الاكثر قراءة