غير مصنف/
أحداث / مدى الكرمل ينظّم ورشة حِواريّة بعنوان "لام قمريّة"، بمشاركة باحثات وناشطات نسويّاتنشرت د. عرين هوّاري، المديرة العامّة لمركز مدى الكرمل، مقالًا بعنوان "لام قمريّة: الاعتداءات الجنسيّة وأسئلة الجسد المؤجَّلة" في منصّة "حكاية ما انحكت". ويأتي هذا المقال في سياق النقاشات التي انطلقت منها الورشة الحِواريّة "لام قمريّة"، التي نظّمها برنامج الدراسات النسوية في المركز قبل نحو شهر، وخُصِّصت لمناقشة بعض تبعات قضايا الاعتداءات الجنسيّة والأسئلة المؤجّلة المرتبطة بها، في محاولة لفتح حِوار نقديّ معمّق حول موضوع يُدفع في الغالب إلى الهوامش في ظلّ الأزمات السياسيّة والاجتماعيّة الكبرى.
ساهمت في التحضير للورشة باحثات وناشطات نسويّات مثّلن عدة مؤسسات كمدى الكرمل، وجمعيّة نساء ضدّ العنف، وكيان- تنظيم نسويّ، والقوس للتعدُّديّة الجنسيّة والجندريّة في المجتمع الفلسطينيّ، إضافةً إلى ناشطات نسويّات مستقلّات.
ناقشت الورشة ثلاث مداخلات، شكّلت الأساس الفكريّ للحوار، كتبتها لهذا اللقاء خصّيصًا د. هوّاري ونسرين طبري، المديرة العامّة لـِ "كيان- تنظيم نسويّ"، والمحاميَة ميساء ارشيد، المستشارة القانونيّة لائتلاف "المسدّس على طاولة المطبخ".
في الجلسة الافتتاحيّة للورشة الحواريّة التي أدارتها عدن كنانة، المركّزة الإعلاميّة في مدى الكرمل، قدّمت د. هوّاري مداخلة حول مقالها "لام قمريّة: الاعتداءات الجنسيّة والأسئلة المؤجّلة"، داعيةً إلى فتح حوارٍ حول كيفيّة مقارَبة الاعتداءات وتبعاتها، خاصّة حين يكون المعتدي قريبًا أو زميلًا أو شخصيّة عامّة. أضاء المقال على غياب نقاش نسويّ آمِن حول الخلافات التي برزت بعد الحملة التي بادرت إليها جمعيّة السّوار عام 2019 بعنوان "كلّ يوم شهادة"، والتي تناولت تبعات قضايا الاعتداءات والتحرّشات الجنسيّة، والنقاشات المتعلِّقة بها وتلك التي تدور في فلكها، والاختلافات في معالجة بعض تبعاتِها، وخاصّةً حين تكون التحرّشات أو الاتّهام بالتّحرش متعلّقةً بشخصيّات عامّة. كذلك طرح المقال أسئلة صعبة، من بينها: هل نصدّق جميع النساء؟ هل الاعتداء الجنسيّ هو الجريمة الكبرى؟ كيف نتعامل مع مشاعرنا حين يكون المعتدي قريبًا منّا؟ وهل يمكن أن يكون هناك مسار للمسامحة بعد العقاب؟ واختتمت د. هوّاري كلامها بدعوة إلى خلق فضاء نسويّ آمِن تُطرح فيه هذه الأسئلة المؤجَّلة، مؤكّدة أنّ "ما نحتاجه اليوم ليس إجابات نهائيّة بقدر ما نحتاج إلى شجاعة الخوض في النقاش نفسه والاعتراف بالاختلاف والتردّد والضعف، ولكن مع الالتزام بالقضيّة العادلة".
أمّا مداخلة طبري، فتناولت مقالها "الانتهاكات الجنسيّة: بين الممارسة والتوظيف السياسيّ"، متتبّعةً جذور العنف الجنسيّ تاريخيًّا وفي النزاعات المعاصرة، موضّحةً كيف يُستخدم كسلاح لتفكيك المجتمعات، إذ لا يستهدف النساء وحدهنّ بل يوجَّه أيضًا كرسالة للجماعة. عرضت طبري من خلال مقالها إشكاليّة محدوديّة الاستجابات القانونيّة والدوليّة، واستغلال هذا الملفّ سياسيًّا وإعلاميًّا كما برز بعد السابع من أكتوبر 2023. من خلال تحليلها لحملة #MeToo، أبرزت طبري إنجازات الحملة في كسر الصمت ومحاسبة المعتدين، لكنّها كشفت أيضًا انزلاقاتها نحو محاكمات شعبيّة وانتقائيّة سياسيّة تُضعِف العدالة. وخلصت إلى أنّ دعم الناجيات يتطلّب تصديقًا مبدئيًّا يوفّر الأمان، لكن مع تحقيقٍ نزيه يمنع تحوُّل النسويّة إلى أداة قمع مضادّ أو استغلال سياسيّ.
قدّمت ارشيد مداخلتها، عبْر تطبيق زووم، حول مقالها "محاكمات أَمْ شهادات مدنيّة؟ عن إدارة الحقيقة والاستجابة الاجتماعيّة لأحداث الاعتداء والتحرّش الجنسيّ وضرورة الإصلاح وليس العداء". كتبت ارشيد من موقعها كناجية ومحاميَة لتوضّح كيف أنّ القوانين والمحاكم الإسرائيليّة غالبًا ما تعجز عن توفير العدالة في ظلّ غياب الأدلّة الملموسة التي يفرضها النظام القضائيّ. سلّطت ارشيد الضوء على مبادرات نسويّة محلّيّة وعالميّة، مثل #MeToo وحملة "كلّ يوم شهادة"، اعتمدت على نشر الشهادات الميدانيّة وبناء قواعد بيانات غير رسميّة كوسيلة لردع العنف وكسر الصمت. اقترحت ارشيد ميثاقًا مجتمعيًّا يجعل من الاعتراف بالاعتداء مسؤوليّة جماعيّة، مؤكّدة أنّ الهدف ليس العداء بل الإصلاح والشفاء الجماعيّ عبْر إعادة تعريف من هو "الضحيّة" وتسييس قضايا العنف الجنسيّ والجندريّ.
تلت الجلسةَ الأولى جلسةٌ حِواريّة أدارتها د. همّت زعبي، الباحثة المشارِكة في مدى الكرمل، أفسحت المجال أمام المشارِكات للانخراط في نقاش صريح ومعمّق حول الأسئلة التي أثارتها المقالات. تمّ تبادل وجهات نظر متنوّعة حول معنى التصديق المبدئيّ لشهادات الناجيات، وحدود المحاكَمات المجتمعيّة، وإمكان بلورة مسارات بديلة للعدالة خارج الأطر القضائيّة الرسميّة، ولا سيّما في سياق فلسطينيّي الـ48. كذلك تطرّق النقاش إلى تعقيدات التضامن النسويّ وما يرافقه من توتُّرات واختلافات داخل الحركة النسويّة، وإلى المخاوف من تحوُّل الاعتراف بالاعتداء إلى أداة للتصفية أو العداء. اختُتِمت الجلسة بتأكيد المشارِكات على أهمّيّة استمرار هذا النقاش وتوسيعه بالاستناد إلى التجارب النسويّة الغنيّة محليًّا وعربيًّا وعالميًّا.
لقراءة مقال د. عرين هوّاري "لام قمريّة: الاعتداءات الجنسيّة وأسئلة الجسد المؤجَّلة" الذي نُشِر في منصّة "حكاية ما انحكت"، يرجى الضغط هنا.