هكذا وصف د. رائف زريق الحالة الإسرائيلية خلال الندوة التي عقدها مركز مدى الكرمل بالتعاون من جمعية ابن خلدون لمناقشة أدوات العمل السياسي بين الموجود والممكن بمشاركة مجموعة من الأكاديميين
"تعاني الحالة الإسرائيلية في مسألتين: أولا، فائض من الشعور بالقوة متمثلة بالقوة العسكرية؛ وثانيا، فائض من الخوف الوجودي من المستقبل. لذلك على كل مشروع نضالي سياسي أن يأخذ هذه الأمور بالحسبان"، هذا ما قاله د. رائف زريق في تحليله للوضع في إسرائيل، خلال ندوة عقدها مدى الكرمل، المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية، وابن خلدون – الجمعية العربية للبحث والتطوير، لمناقشة أدوات العمل السياسي للفلسطينيين في الداخل بين الموجود والممكن. وقد شارك في الندوة كل من د. فوزي الأسمر، د. رائف زريق، د. محمد أبو النمر والمحامية عبير بكر، وأدار الندوة الصحافي وديع عووادة.
افتتح الندوة الصحافي وديع عواودة بطرح مجوعة من الأسئلة، وقال بضرورة معاينة التجربة السياسية للفلسطينيين في الداخل، وإعادة النظر في مجمل الأهداف والممارسة السياسية، وفحص مدى ملاءمة أدوات العمل السياسي وجدواها. كما تساءل حول التوازنات بين العمل السياسي البرلماني والاحتجاج الشعبي، وحول التعددية السياسية في مجتمعنا والمرجعية التي تستند اليها.
أول المتحاورين كان د. فوزي الأسمر الذي تحدث عن تجربة حركة الأرض التي كان أحد مؤسسيها. وقال الأسمر أن حركة الأرض كانت بمثابة ثورة شعبية حظيت بتأييد شعبي واسع وتركت تأثيرا قويا على المجتمع الفلسطيني. هذا وقال أن الخط السياسي الواضح الذي تبنته حركة الأرض قد أخاف إسرائيل وجعلها تعمل على إخراج الحركة خارج القانون، وخاصة موقفها حول القومية والوحدة العربية. كما انتقد الأسمر الفئوية الداخلية. وبرأيه فالسؤال الأساسي الذي يجب طرحه هو: ما هو الهدف الأساسي من النضال الحالي، وهل يوجد لدينا طرح شامل وواضح؟
بعده تحدث د. رائف زريق الذي شدد على أهمية أدوات العمل السياسي لكونها واضحة وعينية ومباشرة. وقال أن الأدوات هي محك العمل السياسي. وفي نفس الوقت حذر زريق من خطورة تقديس الأدوات، وقال صحيح أن الذوات هي التي تصنع الأدوات، لكن الأدوات تؤثر على الذوات إلى درجة عدم التمكن من الفصل بين الذات الفاعلة وبين الأدوات التي تصنعها.
وانتقد د. زريق ما أسماه "عدم حساسية خطاب النواب العرب للجمهور اليهودي في إسرائيل"، وقال أنه توجد فجوة كبيرة بين الممارسة السياسية وبين الخطاب المتبع، وشدد على ضرورة "رفع مستوى الممارسة وخفض سقف الخطاب".
هذا وتحدثت المحامية عبير بكر عن الجانب القانوني، وقالت أن جزء من نجاح مركز عدالة هو ضعف العمل السياسي "مما دفع الناس للاتكال على المرافعة القانونية". كما قالت بكر "ثمة إفراط في الاعتماد على الجانب القضائي"، ثم استعرضت بعض النماذج من خلال عملها كمحامية في مركز عدالة
أخر المتحدثين كان د. محمد أبو النمر الذي قارن بين نضال الفلسطينيين في إسرائيل وحالتهم وبين نضال مجموعات أخرى من السكان الأصلانيين في العالم، مثل الفلبين والولايات المتحدة. هذا وتناول د. أبو النمر في محاضرته ثلاثة محاور أساسية التي من الممكن أن تستعملها الأقليات: العمل البرلماني؛ المجتمع المدني؛ المقاومة المدنية.
وفي خضم استعراضه للتجربة المحلية قال أنه توجد العديد من التساؤلات حول نجاعة العمل البرلماني، وأن ثمة فجوة بين القيادات وبين الجمهور، كما توجد فجوة وعدم تواصل، برأيه، بين مؤسسات المجتمع المدني وبين الجمهور. كما انتقد د. أبو النمر حالة الطائفية والعائلية المستشرية في مجتمعنا وحالة العنف المجتمعي التي تهدد النسيج الاجتماعي. وركز على أهمية الجبهة الداخلية والتي قد تشكل مصدرا للاحباط لدى الجمهور، الأمر الذي قد يؤثر سلبا على النضال السياسي. ورغم انتقاداته للعمل البرلماني، قال أنه لا يمكننا الاستغناء عنه. وركز د. ابو النمر على النضال المدني، وقال انه جانب مهم ومكمل للنضال السياسي، لكنه لا يشكل بديلا له.