عَقَدَ "مدى الكرمل - المركز العربيّ للدراسات الاجتماعيّة التطبيقيّة"، يوم السبت الفائت (3/8/2024)، اللقاءَ الثالث ضمن ورشة كتابيّة حول "الإنتاج المعرفيّ حول الفلسطينيّين داخل الخطّ الأخضر" في دورتها الثالثة. استقطبت هذه الورشة، التي تُعَدّ منصّة فكريّة نقديّة مُهِمّة للباحثين الفلسطينيّين، مجموعة من الأكاديميّين والباحثين.
اُفتُتِح اللقاء بمداخلة استكماليّة قدّمها الدكتور مهنّد مصطفى تناول فيها "تحوُّلات الإنتاج المعرفيّ حول الفلسطينيّين داخل الخطّ الأخضر"، معتبرًا ذلك أمرًا محوريًّا في فَهْم التطوُّرات الفكريّة والأكاديميّة المتعلّقة بالمجتمع الفلسطينيّ، مسلِّطًا الضوء على التحدّيات والنواقص في مجال البحث الأكاديميّ في هذا السياق.
تَلَتْ ذلك مداخلةٌ من د. عرين هوّاري، قدّمت من خلالها عرضًا بشأن مقالها المنتظَر عن الإنتاج المعرفيّ حول الناشطات الإسلاميّات داخل الخطّ الأخضر. خلال مداخلتها، أشارت إلى بعض التحدّيات التي واجهتها كباحثة نسويّة في تعاملها مع النظريّات النقديّة في حقلها المعرفيّ، مشيرة من ناحية إلى التبصُّرات التي قدّمتها الأدبيّات المناهِضة للاستعمار حول الفاعليّة النسائيّة وتشابُكها مع سؤال الدين والجندر والدولة في دول ما بعد الاستعمار، ومن ناحية أخرى أشارت إلى قصور تلك الأدبيّات عن فَهْم الفاعليّة النسائيّة داخل مناطق الـ48. وفي تناولها لخصوصيّة المجموعة التي تبحثها، أشارت إلى كونها مجموعة أصلانيّة تعيش في وطنها، ولكن ليس في دولتها الوطنيّة، وإنّما في دولة استعمار استيطانيّ تُعرِّف نفسها من خلال إقصاء الفلسطينيّ. وخلال المداخلة طرحت د. هوّاري عددًا من الأسئلة التي أثارت نقاشًا ثريًّا بين المشاركين حول دَوْر الدراسة في إثراء الدراسات التي يتقاطع فيها الجندر والدين في السياق الفلسطينيّ، وفي فتح آفاق جديدة لفَهْم ديناميكيّات الحركات النسويّة في مجتمعات واقعة تحت الاستعمار.
كذلك قدّم الباحث لؤيّ وتد عرضًا حول منهجيّته في دراسة الإنتاج المعرفيّ في مجال أدب الأطفال الفلسطينيّ. ركّز وتد على تحليل المفاهيم الاستعماريّة في عمليّة الأَرْشَفة، وكيفيّة إمكان أن تُستخدَم هذه المفاهيم أداةً للعنف الرمزيّ والمعرفيّ. وقدّم أمثلة ملموسة على كيفيّة استخدام المصطلحات الأكاديميّة في دراسة أدب الأطفال الفلسطينيّ، وكيفيّة إمكان أن تسهم هذه المصطلحات في إعادة إنتاج أشكال من العنف المعرفيّ.
ناقش المشاركون أيضًا إستراتيجيّات لمواجهة هذا النوع من العنف المعرفيّ الاستعماريّ، بما في ذلك إعادةُ الأرشفة باستخدام أدوات نقديّة، ونشرُ الأرشيفات بطرق تراعي السياقات الثقافيّة والتاريخيّة، وتطويرُ مصطلحات جديدة تعكس على نحوٍ أفضل واقعَ وتجارب الفلسطينيّين.
ترمي هذه الورشة، التي يديرها أكاديميًّا الدكتور مهنّد مصطفى وتُنسِّقها طالبة الدراسات العليا جوانا جبارة، إلى توفير منصّة للباحثين لعرض أفكارهم البحثيّة ومناقشتها بعمق. في كلّ لقاء، يقدّم الباحثون عروضًا بشأن مشاريعهم البحثيّة، وهو ما يساعدهم على تطوير أفكارهم وصقل مهاراتهم في الكتابة الأكاديميّة. الهدف النهائيّ هو إصدار كتاب حول الإنتاج المعرفيّ عن الفلسطينيّين يسهم في إثراء المعرفة في ما يخصّ القضايا الفلسطينيّة والعربيّة.