افتتحَ اللقاءَ د. مهنّد مصطفى، مؤكّدًا أهمّيّة الحقل النظريّ باعتباره الركيزة الأساسيّة لأيّ إنتاج أكاديميّ رصين. وقد شدّد على ضرورة تجاوز مرحلة جمع المعلومات والبيانات إلى مرحلة أكثر عمقًا تتمثّل في صياغة مقولات نظريّة وأُطُر فكريّة تسهم في فَهْم وتفسير الظواهر المدروسة.
وقدّم د. مصطفى عرضًا تحليليًّا بشأن دَوْر ابن خلدون في تطوير منهجيّة البحث التاريخيّ والاجتماعيّ، حيث جرى تناول "مقدّمة ابن خلدون" كنموذجٍ فريد لفَهْم الظواهر الاجتماعيّة، نموذجٍ يتجاوز السردَ التاريخيّ التقليديّ إلى تقديم نظريّات متكاملة تفسّر حركة التاريخ وديناميكيّات صعود الحضارات وانهيارها. وكذلك أشار إلى السياق التاريخيّ الذي عاش فيه ابن خلدون في القرن الرابع عشر الميلادي، إبّان ما يُعْرَف بالتسمية "عصر الانحطاط"، وقد اعتُبِر خاتمة المفكّرين العرب.
وامتداداً للفكر الخلدونيّ في العصر الحديث، تناولت المداخَلةُ المقارَباتِ الإﭘـستمولوجيّةَ والسوسيولوجيّةَ لمقدّمة ابن خلدون، مبرزةً كيف شكّلت هذه المقدّمةُ منعطَفًا معرفيًّا في طريقة إنتاج المعرفة مقارَنةً بالأدبيّات التاريخيّة والاجتماعيّة والسياسيّة السابقة لها. كذلك تناولت المداخَلة راهنيّةَ بعض مقولات ابن خلدون في الدراسات الاجتماعيّة المعاصرة، والدراسات الاستعماريّة على وجه الخصوص، فضلًا عن مقارَباتها السياسيّة.