سمينار ومنح لطلبة الدراسات العليا/

أحداث / اللقاء الختامي لسمينار دعم طلبة الدراسات العليا في دورته العاشرة (آب 2025)
big-img-news
بواسطةMada Admin | 26 أغسطس 2025

اللقاء الختامي لسمينار دعم طلبة الدراسات العليا في دورته العاشرة (آب 2025)

اختتم مدى الكرمل- المركز العربي للدراسات الاجتماعية التطبيقية سمينار دعم طلبة الدراسات العليا في دورته العاشرة عبر لقاء مكثف امتد على مدار يومين (1- 2 آب) في مدينة رام الله. شكّل هذا اللقاء منصة أكاديمية متميزة جمعت بين محاضرين فلسطينيين مختصين في حقول معرفية متنوعة، مما أتاح للمشاركين فرصة الاستفادة من تجارب بحثية ثرية ومتعددة الأبعاد.

استهل الدكتور مهند مصطفى، المدير الأكاديمي للسمينار، اليوم الأول بكلمة افتتاحية سلّط فيها الضوء على الأهداف التطويرية للسمينار ودوره المحوري في صقل المهارات البحثية لطلبة الدراسات العليا. وفي إطار هذا التوجه، قدّم خالد عنبتاوي، الباحث في مدى الكرمل ومرشّح الدكتوراه في السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا في معهد جنيف للدراسات العليا، محاضرة تلاها نقاش بعنوان "منزلة بين منزلتين: في ظلال الشغف، الموقعية، والتحليل في رحلة البحث الميداني والكتابة". شارك عنبتاوي تجربته الشخصية في مسيرة إعداد أطروحة الدكتوراه، متناولًا بشكل معمّق موضوع بحثه والمنهجية المتبعة وأدوات البحث المستخدمة، إضافة إلى التحديات المنهجية والعملية التي واجهها خلال رحلته الأكاديمية. أدار الجلسة جمال مصطفى، طالب الماجستير في الفلسفة.

تلا هذه الجلسة حوارية أكاديمية مثرية بين الدكتورة عرين هواري، المديرة العامة لمدى الكرمل، وأحمد عز، المحاضر في جامعة بيت لحم والباحث في مؤسسة الدراسات الفلسطينية، تمحورت حول "العلاقة بين الفعل الأكاديمي والفعل السياسي"، مستكشفةً التشابكات المعقدة بين البحث الأكاديمي والممارسة السياسية، مع تقديم تعريفات واضحة لكلا المجالين وأوجه التكامل بينهما. أدارت هذه الجلسة جوانا جبارة، منسقة برنامج الدراسات العليا في مدى الكرمل.

اختتم اليوم الأول بمحاضرة للأستاذ الدكتور عبد الرحيم الشيخ، الشاعر وأستاذ الفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت، حملت عنوان "الترجمة، التحويل، فلسطين". ميّز الشيخ بين الترجمة كنقل لغوي والتحويل كعملية إبداعية تمنح النص صوتًا إضافيًا، مستندًا في تصوره للتحويل إلى مفاهيم حسين برغوثي حول الخلق الأدبي كعملية تقطير وتحويل للمواد الخام، مؤكدًا على ضرورة المحافظة على صوت صاحب النص الأصلي دون تقمصه. كما قدم نقدًا جذريًا لمفهوم الأرشيف التقليدي، داعيًا لتطوير "أرشيف موازٍ" يتجاوز آليات التوثيق الرسمية، وخاصة في السياق الفلسطيني حيث تصبح الشهادة الحية أهم من الوثيقة المكتوبة في مواجهة محاولات طمس الحقيقة التاريخية. أدار الجلسة المحامي والأكاديمي والناشط السياسيّ طارق خطيب.

افتتح السمينار فعالياته لليوم الثاني بمحاضرة للدكتور عمر عبد ربه، رئيس قسم العلوم الإنسانية في جامعة بيت لحم والأستاذ المشارك في تاريخ وآثار الإسلام والتراث الثقافي ودراسات القدس. تناولت المحاضرة "الكتابة الأكاديمية لمقترح البحث العلمي الرصين"، حيث قدّم عبد ربه دليلًا منهجيًا لسيرورة البحث العلمي وصياغة أسئلة البحث المحورية. أكّد عبد ربه على الأهمية الاستراتيجية للمعرفة التاريخية الفلسطينية، مشددًا على ضرورة الاستفادة من ثراء المصادر العربية المتاحة، كما تطرّق إلى أهمية بناء إطار نظري متين وممارسات الكتابة الأكاديمية المتخصصة. أدارت الجلسة د. عرين هواري.

خلال الجلسة الثانية، قدّم أحمد عز محاضرة حول "مراجعات الكتب في السياق الأكاديمي"، تناولت المحاضرة مكونات المراجعة الأكاديمية الرصينة للكتب، بما يشمل: تحديد الإشكالية المركزية للعمل، وتحليل المنهجية والأدوات البحثية المعتمدة، وتقويم الأدلة والمصادر والبيانات المستخدمة، إضافة إلى إبراز حدود الدراسة ومساهمتها المعرفية ضمن حقلها التخصصي. كما سلطت المحاضرة الضوء على أهمية توظيف المصادر الموازية في بناء مراجعة نقدية متماسكة، ووضع العمل في سياقه البحثي والإبستمولوجي الأشمل.  تطرّق عز أيضًا إلى أخلاقيات الكتابة الأكاديمية، ومعايير النشر في المجلات المحكّمة، وقدّم نماذج مختارة من مراجعات منشورة تُبرز الفروقات بين المراجعة الوصفية والمراجعة التحليلية. قُدّمت هذه المحاضرة ضمن مسار يهدف إلى تعزيز مهارات الباحثين في التفكير النقدي، وإنتاج معرفة تفاعلية قائمة على التحليل والتقويم، وتمكينهم من أدوات الكتابة العلمية سواء لمراجعة الكتب بشكل مستقل، أو لاستخدام المراجعة كأداة منهجية في بناء أدبيات الرسائل والأطروحات الجامعية، بما يسهم في تعميق مشاركتهم في الحقول البحثية المتخصصة. أدارت الجلسة فيروز سلامة، خريجة الماجستير في الدراسات الإسرائيلية من جامعة بيرزيت.

أما الجلسة الثالثة فكانت جلسة تقييمية أدارتها د. عرين هوّاري وجوانا جبارة، واستمعتا فيها إلى انطباعات وتقييمات الطلبة المشاركين.  حيث أشاد المشاركون بتوفير السمينار مساحة أكاديمية فلسطينية فريدة باللغة العربية في وقت تضيق فيه المساحات، وتشكيله بيئة آمنة نقدية مفتوحة مكّنتهم من طرح تساؤلاتهم وتجاربهم البحثية بحرية تامة. كما أكد الطلبة أن هذا التجمع الأكاديمي صقل رؤيتهم النقدية وعرّفهم على أصوات غير مألوفة في المشهد الأكاديمي، مما حفزهم بشكل كبير على بلورة مشاريعهم البحثية والمضي قدمًا في تطويرها. وأعرب المشاركون عن حاجتهم الماسة للمزيد من اللقاءات والمساحات الحوارية لعرض أفكارهم وأبحاثهم في بيئة بديلة مثل التي يوفرها مدى الكرمل. وقد أوضحت هواري وجبارة أن التقييمات تساهم في تطوير البرنامج مستقبلًا وتعزيز جودة المحتوى المقدم.

في ختام اللقاء، تم توزيع المنح الدراسية على الطلبة المستحقين. يأتي هذا ضمن التزام مدى الكرمل بدعم البحث الأكاديمي الفلسطيني وتعزيز قدرات الجيل الناشئ من الباحثين، مما يعكس الرؤية الاستراتيجية لمدى الكرمل في بناء جيل من الأكاديميين الفلسطينيين المتمكنين من أدوات البحث العلمي والتفكير النقدي.

الاكثر قراءة