مدى الكرمل - يفيد استطلاع رأي واسع نفذه وأشرف عليه "مدى الكرمل" أن نحو ثلثي المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل لا يعلم أن هناك جسما سياسيا تمثيليا يدعى "لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية". ويكشف الاستطلاع أن لجنة المتابعة العليا تعاني من أزمة حقيقية من وجهة نظر المجتمع العربي لها ولأدائها ولثقته بها. حيث أن 26% فقط من المجتمع العربي يعتقد أنها تقوم بمهمة إحياء المناسبات الوطنية بدرجة عالية جدا أو عالية، ويرى 27% منهم أنها تقوم بذلك بدرجة متوسطة ويرى 41% أنها تقوم بهذه المهمة بدرجة قليلة جدا أو إطلاقا لا. هذا بعض ما يتضمنه استطلاع الرأي العام الفلسطيني في إسرائيل حول "لجنة المتابعة العليا" كشف عنه مركز "مدى الكرمل" في ندوة مطولة نظمها يوم السبت، 5/7/2014، في الناصرة، ضمن "مشروع المشاركة السياسية للفلسطينيين في إسرائيل"، برعاية مدير المركز بروفسور نديم روحانا، وتركيز السيدة أريج صباغ خوري. وشارك في الندوة النقدية الهامة مجموعة من المثقفين وبعض السياسيين ورئيسا المتابعة والقطرية.
الاستطلاع الذي انجز خلال العام 2013 من قبل د. عاص أطرش، مركز وحدة الاستطلاع في مدى الكرمل، يُظهر عجز "المتابعة" في تحسين أداء الحكم المحلي العربي، حيث يقول 14% من المواطنين العرب إن "المتابعة" تقوم بمهمة تحسين الحكم المحلي بدرجة عالية جدا أو بدرجة عالية. بالمقابل يرى 55% منهم أنها تقوم بهذه المهمة بدرجة قليلة أو قليلة جدا أو إطلاقا لا. ويرى 59% أن "المتابعة" تقوم بمهمة تحسين مستوى التعليم والحالة الثقافية بدرجة قليلة أو قليلة جدا. وكذلك في مواضيع قيادة النضال من أجل القضايا الاقتصادية كالبطالة، والفقر، وتحسين مكانة المرأة، وبمهمة تمثيل الجماهير العربية في المحافل الرسمية الإسرائيلية، وفي طرح القضية الفلسطينية بصورة مكثفة في المحافل الدولية. ويتوقف الاستطلاع عند أداء "المتابعة" في مجالات أخرى ونتائج رأي الجمهور مماثلة هنا أيضا.
يكشف الاستطلاع، ولربما على هذه الخلفية، أن أغلبية المجتمع الفلسطيني في إسرائيل (78%) يريد انتخاب رئيس أو أعضاء "المتابعة" بصورة مباشرة. ويرى 22% منهم أن حكومة إسرائيل ستحترم قرار الفلسطينيين بانتخاب "المتابعة" مباشرة. 24.5% يرون أنها ستعارض وتتخذ إجراءات لمنعها، 22% ستكتفي بمعارضة كلامية فقط فيما يرى 8.7% منهم أنها ستحرّض على الجمهور العربي وقياداته وأحزابه. ويبدي 68% من المجتمع الفلسطيني في إسرائيل الاستعداد للمشاركة بانتخابات مباشرة للجنة "المتابعة" مقابل 19% لن يشاركوا بها، و13% "لا يعرفون". وردّا على سؤال آخر في الاستطلاع (13 سؤالا) يقول 77% من المجتمع الفلسطيني في إسرائيل إنه يجب ألاّ نتنازل عن المشاركة في انتخابات الكنيست إذا انتخبت لجنة "المتابعة" بانتخابات مباشرة. ومن الأجوبة القاسية التي كشف عنها الاستطلاع أن 60% من المجتمع العربي لا يشارك في الفعاليات السياسية التي تقوم بها "المتابعة". ويفضّل 57% من المجتمع العربي أن يكون رئيس "المتابعة" شخصية غير حزبية. ويؤيد 62% منهم أن تنشئ "المتابعة" صندوقا قوميا ماليا لتنجيع عملها. ويؤكد الاستطلاع جاهزية الجمهور الواسع لتقديم واجبه بهذا المضمار، حيث يقول 53% منهم أنهم مستعدون لدفع نصيبهم في حال فرضت "المتابعة" مبلغا سنويا على كل مواطن عربي.
وعرض روحانا نتائج الاستطلاع وتوقف عند قراءة أبرزها. وأضاف من المهم كيفية قراءة النتائج مع التفكُّر في مسيرة لجنة المتابعة لدعم هذه المسيرة وتطويرها، وكيف نتحاور مع الحضور. وشارك في المداخلات والتعقيبات كل من رئيس "المتابعة" محمد زيدان، رئيس "القطرية" مازن غنايم، النائبة عن التجمع الوطني الديموقراطي حنين زعبي، عبد الحكيم مفيد عضو المكتب السياسي للحركة الإسلامية، رجا اغبارية عضو المكتب السياسي لحركة "أبناء البلد". بالإضافة الى الباحثين الأكاديميين د. مهند مصطفى، د. ثابت أبو راس وبروفيسور أسعد غانم. وقد اعتذر النائب مسعود غنايم ممثل القائمة العربية الموحّدة والعربية للتغيير عن المشاركة في اللحظة الأخيرة لأمر طارئ في سخنين.
محمد زيدان : مشاكل داخلية وحزبية تضعف "المتابعة"
في تعقيبه أوضح رئيس "المتابعة" محمد زيدان أن الاستطلاع يثري عملها ويساهم في ترشيدها واستعرض الخطوات المتواصلة لإعادة بنائها وتنظيمها وتنجيع عملها، لافتا للمشاكل بين الأحزاب كعائق أمامها. وتعقيبا على ملاحظة نديم روحانا حول عدم تأثره بموقف الجمهور العربي المؤيد لفكرة انتخاب المتابعة مباشرة، قال زيدان إن هناك أحزابا أبرزها الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة تعارض ذلك بشدة. ويعتبر زيدان أن الفكرة سليمة، لكن المجتمع العربي اليوم غير جاهز لانتخابات عامة، علاوة على تحذيره من بعض التبعات السلبية للانتخابات. كما توقف زيدان عند الضعف المالي للمتابعة، وكشف أن هاتفها مقطوع منذ سبعة شهور لعدم تسديد الفاتورة، وتعمل بدون موظف متفرغ منذ عشرة شهور. وتضمنت مداخلات المحاضرين انتقادات للمتابعة. ورغم التباينات في مداخلاتهم اتفقوا على أهميتها كإطار وطني جامع، مع التأكيد على ضرورة إصلاحها وجعلها حاملة لهموم الناس أكثر، لافتين للحاجة بالتمهيد في فترة انتقالية تسبق الانتخابات المباشرة. وشدد روحانا في تقديمه للندوة على برنامج مدى الكرمل في نقد ومراجعة السياسة العربية في البلاد، ومراجعة سيرة الحركة الوطنية الفلسطينية، منوها أن الاستطلاع جاء لخدمة هذا الهدف، مبديا أسفه لعدم مشاركة مندوب عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي قررت عدم المشاركة في الورشة رغم التوجهات المتكررة والمثابرة من قبل مركز مدى. وتابع "هذا مؤسف فالجبهة تغيّب نفسها عن عملية تقييم منهجية لمسيرتنا الجماعية فتخسر وتخسرنا بصفتها تنظيم وطني مهمّ". ومن جهتنا نحن سنواصل أخذ دورنا ومراجعة المشاركة السياسية وتاريخينا السياسي. اذ لم يعد من الممكن مراجعة عملنا بمعزل عن المشروع الوطني الفلسطيني الأوسع والصراع الذي نحن في قلبه.