عقد مدى الكرمل – المركز العربي للدراسات الإجتماعيّة التطبيقية، يوم السبت الفائت، يوما دراسيا بعنوان "الفلسطينيون في إسرائيل: الواقع الجديد وتطوير الأدوات الاحتجاجية"، في الناصرة. حيث شارك في اليوم الدراسي قيادات فلسطينية من تيارات سياسية مختلفة وأكاديميون، وقدموا مداخلات عن الواقع السياسي والتطورات التي تحيط المجتمع الفلسطيني في المرحلة الراهنة، والأدوات الاحتجاجية.
افتتحت اليوم الدراسي السيدة ايناس عودة-حاج – المديرة المشاركة في مدى الكرمل، مرحّبة بالحضور والمشاركين. وقالت ان هذا اليوم جاء بهدف توفير حيّز لتفكير جماعيّ مشترك في قراءة الواقع تساعد على وضع استراتيجية عمل موحّدة تخرجنا من دائرة رد الفعل وتمكّن من مراكمة الإنجازات. وقدّم السيد محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، محاضرة افتتاحية أثنى في بدايتها على التكاتف الشعبي والاحتجاج المتصدّي لموجة الهدم الأخيرة في قلنسوة وام الحيران، كما تحدث عن مفهوم الاحتجاج، وارتباطه في المواطنة، وتطرّق لسبل الاحتجاج والنضال المحليّة والتي تتمثّل بالتصدي للسلطات الحاكمة، والخطوات الأخيرة التي تتخذها لجنة المتابعة في تعزيز دورها القيادي وتنظيم المجتمع على أساس وطني ومنها تطوير موضوع المرافعة الدولية واليوم العالمي للتضامن مع الفلسطينيين في مناطق ال 48.
حملت الجلسة الأولى لليوم الدراسي عنوان "السياسات الإسرائيلية تجاه المواطنين الفلسطينيين بين الاستمرارية والتغيير" وأدارها الباحث والإعلامي السيد وديع عواودة، وشارك بها كل من د. هنيدة غانم، د. مهند مصطفى، السيدة حنين زعبي والسيد أسامة السعدي. تحدثت د. هنيدة غانم، مديرة مركز "مدار" المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية، عن ضرورة النضال من خلال بناء المجتمع الفلسطيني من جديد عبر العمل وتطوير المجتمع المدني بعيدا عن مؤسسات الدولة، وذلك كنوع من التصدي لسياسات شرذمة الهوية الفلسطينية والتقسيم التي يواجهها المجتمع الفلسطيني. اما د. مهند مصطفى، باحث مشارك ومدير البرامج البحثية في مركز مدى الكرمل، فقد تحدث عن ثلاث طبقات من السياسات الإسرائيلية تبلور التوجه نحو الفلسطينيين في اسرائيل: الأولى هي طبقة المشروع الصهيوني، والذي ما زال يؤثر على سياسات الدولة تجاه مجتمعنا الفلسطيني؛ والثانية هي سيطرة التيار الديني-القومي على المشروع الصهيوني؛ اما الثالثة، وهي لا تلغي وجود الطبقتين القائمتين، فهي نشوء وسيطرة اليمين المتطرّف وذلك كجزء من صعود اليمين المتطرّف في العالم.
وتحدّثت السيدة حنين زعبي، نائبة عن التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة، عن عوامل سياسات وتعامل دولة إسرائيل مع المجتمع الفلسطيني في الداخل وهي: سياق السياسات في المنطقة؛ ديناميكيات في المجتمع الإسرائيلي بين اليمين واللا يمين؛ حاجة اليمين لتعزيز مكانته من خلال خلق "العدو"؛ وهيمنته ليس فقط على الثقافة والاعلام والمجتمع، انما أيضا من خلال إعادة انتاج ثقافة كاملة. وفي مداخلته تطرق السيد أسامة السعدي، نائب عن الحركة العربية للتغيير في القائمة المشتركة، عن التغيير المنهجي والجوهري بحق المجتمع الفلسطيني في الداخل وفي الضفة الغربية، والذي يتمثل بتشريع وطرح مشاريع تتجاوز 60 قانوناً عنصرياً وغير ديمقراطي خلال السنتين الأخيرتين.
أما الجلسة الثانية فكانت بعنوان "نحو تطوير أدوات العمل السياسي والتنظيم الجماعي" ترأستها السيدة عرين هواري من مدى الكرمل، وتحدث بها كلّ من المحامي علي حيدر، د. أحمد أمارة، د. منصور عباس، الشيخ رائد صلاح ود. يوسف جبارين. افتتح د. أحمد أمارة، من الجامعة العبرية في القدس، بمداخلة حول مصادرة الأراضي في النقب ومخططات التهجير واقتلاع السكان، سواء بتركيزهم في مناطق معينة أو تهجيرهم من مناطق سكناهم الحالية. وتحدّث الأكاديمي والناشط المحامي علي حيدر عن أهمية تغيير الفكر السياسي الفلسطيني والنهج في ظل التغيرات السياسية الإسرائيلية، وتطرّق إلى غياب المؤسسات والبنى التحتية المركزية والأساسية للمجتمع الفلسطيني في الداخل مقترحا إقامة مجلس اعلى للجماهير العربية يتم انتخابه من قبل الجماهير.
وأشار الدكتور منصور عباس، نائب رئيس الحركة الإسلامية، في مداخلته عن ضرورة قيام القيادات السياسية بتقييم التجارب السابقة للمجتمع الفلسطيني وطرح أسئلة ومحاولة فهم الفشل او النجاح وذلك بغية استخلاص العبر والتقدم الى الأمام بنفس سياسي جديد. وتطرّق، أيضا، لخطورة الانقسام القائم بين جميع شرائح المجتمع الفلسطيني في الداخل او في الضفة أو قطاع غزة، وتداعياته على إمكانية وجود حل سياسي للصراع. أما الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية التي حُظرت اسرائيليا، فقد تحدّث، عن نظرته للمجتمع الفلسطيني في الداخل كحاضنة للثوابت الفلسطينية الصامدة مثل حق العودة الفلسطينية، حق تقرير المصير وغيرها. وتطرّق الى أهمية تنظيم لجنة المتابعة وانتخابها في المستقبل بشكل مباشر، وضرورة التفكير وفحص إمكانيات بناء تفكير وأداء جماعي يعبّر عن المجتمع الفلسطيني بكامل شرائحه. واختتم الدكتور يوسف جبارين، نائب عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في القائمة المشتركة، الجلسة بمداخلة تحدّث فيها عن التقدم والإنجاز الذي أحرزه المجتمع الفلسطيني في الداخل، من تشكيل القائمة المشتركة، ومن إيصال قضية الفلسطينيين في الداخل إلى الصعيد الدولي. وأكد على أهمية بناء ثقافة العمل المشترك وتذويتها في المجتمع الفلسطيني وتياراته.
ثم لخص الدكتور مهند مصطفى اليوم الدراسي معلنا عن تحضيرات مركز مدى الكرمل للإعلان عن منتدى مدى للتفكير الاستراتيجي الفلسطيني الذي سيناقش قضايا عينية ذات أهمية في العمل السياسي الفلسطيني في إسرائيل وطرح أوراق استراتيجية حولها.